منذ خمس سنوات، كانت الناقلة "صافر" تتآكل ببطء في البحر الأحمر، وهي قنبلة موقوتة تنتظر الانفجار، تم تشييدها عام 1976، وتم إرسالها إلى اليمن عام 1988، وعملت منذ ذلك الحين كوحدة تخزين عائمة ومحطة لتصدير النفط، تقع قبالة ساحل رأس عيسى عند نهاية خط أنابيب نفط بطول 430 كم. منذ عام 2015 ، السفينة وحمولتها البالغة أكثر من 1.1 مليون برميل من النفط، في قبضة الحوثيين، وهم جماعة شيعية معارضة تقاتل التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.
في 24 سبتمبر ، حذر السفير السعودي لدى الأمم المتحدة من أنه تم رصد "بقعة نفطية" على بعد 50 كيلومترًا غرب السفينة، وحذر دبلوماسيون وخبراء في مجال الشحن وخبراء بيئيون لسنوات من أن السفينة تشكل خطرا. حيث تلتهم مياه البحر، بدنها وخزاناتها، وهي عملية تحدث بشكل أسرع من المعتاد في البحر الأحمر المالح. وأظهرت الصور التي التقطت على متن الطائرة العام الماضي تسريب أنابيب وأختام صدئة، وهناك مخاوف من أن ينفجر كل شيء.
لكن الحوثيون منعوا أي أعمال صيانة. السفينة، في مخيلتهم هي عقبة مفيدة أمام هجوم بقيادة السعودية على الحديدة، الميناء القريب الذي يتعامل مع معظم واردات اليمن، ومثل هذا التفكير قصير النظر، من قبل كل من الحوثيين وحلفائهم فإن الأمر سيحول الحرب إلى كارثة إنسانية مستعصية، فالتسرب سيكون كارثة بيئية حيث أن حمولة "صافر" تبلغ أربعة أضعاف حمولة "إكسون فالدرز"، التي جرفت مئات الأميال من ساحل آلاسكا عندما جنحت في عام 1989.
المجاعة والمرض تطارد السكان؛ لقد انهار الاقتصاد. قبل عام، كان هناك تفاؤل حذر بأن القتال كان على وشك الانتهاء. في صيف 2019، سحبت الإمارات العربية المتحدة معظم قواتها، مما حرم السعودية من شريكها الأكثر فاعلية، وبدأت المملكة محادثات غير مباشرة مع الحوثيين في عمان وسيطًا متكررًا في النزاعات الخليجية، لكن تلك المحادثات (التي أصبحت الآن افتراضية، بسبب كوفيد 19) لم تسفر عن صفقة. وبسبب ذلك، أصبح القتال أكثر تعقيدًا.
في ربيع هذا العام، بدأ الانفصاليون في الجنوب المتحالفون مع الإمارات العربية المتحدة في قتال الحكومة المدعومة من السعودية، مما أدى إلى تأليب عضوين ظاهريين في التحالف ضد بعضهما البعض. ثم بدأ الحوثيون حملة للاستيلاء على مأرب، المحافظة التي تمتلك الكثير من نفط اليمن. لقد كانت مكانًا للاستقرار النسبي، ما جعلها مركزًا للمدنيين النازحين من المحافظات الأخرى، وتضاعف عدد سكانها ربما عشرة أضعاف منذ بدء الحرب، إلى ما يقدر بثلاثة ملايين، وفقد الحوثيون آلاف المقاتلين أثناء محاولتهم الاستيلاء عليها. وهجومهم يعيق محادثات السلام.
وبعيدًا عن الخطوط الأمامية ما تزال الحياة بائسة، حيث يستشري نقص الوقود في شمال اليمن، وكلا الجانبين مذنب في تفاقمها: فقد منع التحالف ناقلات الوقود من التفريغ في الحديدة، بينما يستثمر الحوثيون نقص الوقود لتعزيز السوق السوداء المربحة، وفقدت العملة اليمنية (الريال) 70% من قيمتها قبل الحرب، بما في ذلك انخفاض بنسبة 25% هذا العام. لقد ارتفعت الأسعار بشكل كبير، مما جعل العديد من المدنيين غير قادرين على تحمل حتى الطعام. يعتمد معظمهم على المساعدات ، لكن وكالات الإغاثة تعاني من نقص في السيولة. منذ مارس، تمكن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة من توفير نصف حصص الإعاشة فقط في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. وتشير التقديرات إلى أن معدلات الجوع ارتفعت من 28% إلى 43%. وستحتاج وكالات الاغاثة إلى 500 مليون دولار من التمويل الإضافي فقط لمواصلة تلك المساعدة الضئيلة للأشهر الستة المقبلة.
اليمن لديها مصادر قليلة من العملة الصعبة: سنوات الحرب لم تترك سوى القليل في طريق الصادرات أو السياحة أو الاستثمار. والوديعة السعودية البالغة قيمتها ملياري دولار التي تم إيداعها في عام 2018 في البنك المركزي على وشك النفاد، وآخر شريان الحياة المتبقي في البلاد هو التحويلات، التي بلغ مجموعها 3.8 مليار دولار العام الماضي. حوالي ثلاثة أخماس ذلك يأتي من مليوني يمني يعملون في المملكة العربية السعودية. لكن أعدادهم تضاءلت مع محاولة الحكومة السعودية طرد المهاجرين لتوفير وظائف للمواطنين، لذا فقد انخفضت التحويلات بنسبة تتراوح بين 70 و 80% هذا العام.
ما يزال الدبلوماسيون يأملون في أن يتمكنوا من التوسط في هدنة في اليمن. إنهم يعملون على قائمة إجراءات بناء الثقة، من تبادل الأسرى إلى إعادة فتح المطار في صنعاء والممرات الملاحية. لن يكسب أي من الطرفين الكثير من القتال المستمر: الحرب مدمرة لليمنيين ومكلفة للسعودية من حيث المال والسمعة. ومع ذلك لا يبدو أن أيا منهما جاهز للتوقف.