حذر خبراء اقتصاديون من ان انهيار العملة اليمنية (الريال) أمام العملات الأجنبية خلال الأيام القليلة الماضية، لا سيما في المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية ومنها العاصمة المؤقتة عدن (جنوب اليمن) ستفاقم مصاعب المواطنين الذين أرهقتهم الحرب المستمرة منذ اكثر من ست سنوات.
وتراجع الريال إلى مستوى قياسي جديد، إذ تجاوز الدولار الأميركي لأول مرة 920 ريالاً.
وقال ممثل "برنامج الغذاء العالمي" التابع للأمم المتحدة في اليمن في وقت سابق إن الريال اليمني فقد 250 في المئة من قيمته منذ بدء الحرب عام 2015، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية بنسبة 140 في المئة، وتآكل قيمة ودائع العملاء المقومة بالعملة الوطنية في البنوك.
وأرجع أستاذ الاقتصاد في جامعة عدن، يوسف سعيد، أسباب تدهور العملة اليمنية إلى غياب الدولة وفشل تشكيل الحكومة، في ضوء اتفاق الرياض واستمرار الحرب التي لا تزال على بعد 70 كيلومترا من عدن.
وأشار إلى استمرار الاحتقان السياسي مع غياب أي انفراج، علاوة على عدم توفر الاحتياطيات النقدية الخارجية لدى البنك المركزي، وبقاء الموارد العامة عند حالها خارج سيطرة الدولة، وفق ما اوردته وكالة "الاناضول".
وحذر سعيد من الآثار الكارثية لتدهور العملة، من قبيل زيادة إفقار المواطنين واحتمال انزلاق البلاد إلى حالة من المجاعة، وعدم قدرة المستثمرين والمستوردين والمنتجين والمستهلكين على اتخاذ قراراتهم في ضوء حالة من عدم اليقين.
وقال سعيد إن "تلافي الانهيار في العملة يتطلب أولاً الإسراع في تشكيل الحكومة المتفق عليها، في إطار اتفاقية الرياض، يرافق ذلك دعم اقتصادي سعودي، مع ضرورة تعزيز احتياطيات النقد الخارجية".
من جانبه رأى الصحافي المتخصص في الشؤون الاقتصادية، محمد الجماعي، أن تراجع سعر صرف العملة المحلية طبيعي "في بلد يخوض حربا محلية وحصاراً إقليمياً وتدخلاً دولياً منذ خمس سنوات ونصف".
وأضاف الجماعي: "الصراع الاقتصادي بين الحكومة والحوثي ممتد منذ سنوات.. لم تترك الحكومة -على ضعفها- للحوثيين مصدرا سيادياً مالياً إلا وحرصت على نقله وتشغيله لحسابها".
وتابع الجماعي: "الحكومة قامت باجراءات نقل النشاط الاقتصادي بحذر وخوف من الضغوط الدولية، فيما الحوثي لا يألو جهدا في صد محاولات الحكومة، بإجراءات عنيفة ومجحفة، بدأت بتعويم المشتقات النفطية واستهلاك الخزينة العامة للبنك المركزي، وتجيير الأموال للمجهود الحربي".
وأشار الجماعي إلى أن "الحكومة قامت بإجراءات تحصينية من عدن، ساهمت في إضعاف العملة كطباعة عملة جديدة بعد نقل البنك المركزي للعاصمة المؤقتة بغرض توفير السيولة حينها، وعودة انتظام تسليم رواتب موظفي الدولة ومحاولة السيطرة على دورة الجهاز المصرفي".
وشدد الجماعي على ضرورة أن تقوم "السعودية حالياً رفد الخزينة اليمنية بوديعة 4 مليارات دولار لدعم الريال"، معتبراً ذلك "استحقاق على السعودية نظير السيطرة المحكمة على البلاد، وجزء يسير من تعهدها بدعم الشرعية لاستعادة الدولة وهزيمة الحوثي".
ومنذ 2015، تآكلت الاحتياطيات الخارجية من النقد الأجنبي تدريجياً، وتعثرت صادرات النفط والغاز، وتخلى البنك المركزي عن تمويل استيراد السلع الأساسية والوقود على مراحل.
وما عوَّض عن ذلك قليلاً تحويلات المغتربين التي بلغت 3.3 مليار دولار في 2015، وارتفعت قليلاً إلى 3.7 مليار دولار عام 2016، وقدرت بحوالي 3.4 مليار دولار عام 2017، قبل أن تتراجع دون مليار دولار هذا العام.