رسمت مؤسسة بحثية اميركية شهيرة في تقرير حديث لها، سيناريوهات لها آثار مختلفة على العلاقة بين ميليشيا الحوثي الانقلابية وإيران وآفاقها على المدى الطويل.
وأوضحت مؤسسة راند للأبحاث والتطوير وتقديم تحليلات وأبحاث للقوات المسلحة الأميركية في تقرير حديث لها، أن السيناريو الأول يتمثل في استمرار الجمود السياسي والعسكري الحالي بحيث يسيطر الحوثيون على الأرض لكن حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي وحلفاء التحالف العربي بقيادة السعودية تواصل رفض أي حل وسط مع الحوثيين.
وأشار التقرير إلى أن ما أسماه بـ"المستنقع العسكري" يتماشى إلى حد كبير مع استراتيجية إيران الإقليمية وأهدافها المباشرة للصراع، والحفاظ على عدم الاستقرار على طول حدود السعودية وتوفير وسائل منخفضة التكلفة لنزيف الجيش السعودي دون خوف كبير من المواجهة المباشرة أو التصعيد.
واعتبر التقرير أن "في حال تحقيق هذه الأهداف الاستراتيجية، من المرجح أن تقبل إيران بالحد الأدنى من السيطرة التي تمارسها على الحوثيين".
ولفت التقرير أن السيناريو الثاني يتمثل في؛ سيطرة الحوثيين على الأرض لكن المجتمع الدولي يضغط على التحالف وحكومة هادي لتبني اتفاقية لتقاسم السلطة في حكومة انتقالية جديدة، متوقعاً أنه في حال تحقق هذا السيناريو "سيظل الحوثيون مجموعة عسكرية مسلحة إلى جانب منظمة سياسية، على غرار حزب الله اللبناني".
وأشار التقرير الى أنه وفي مثل هذا السيناريو، سيكون الحوثيون شريكا أكثر جاذبية لإيران، وستريد إيران توسيع استثماراتها في المجموعة لتحويلها إلى منظمة شريكة، مرجحاً أن تستفيد إيران من حاجة الحوثيين إلى قدرات عسكرية كبيرة ودعم مالي لتعزيز نفوذها السياسي والاستفادة من هذه الاحتياجات لتعزيز اعتماد الجماعة على الدعم الإيراني.
وحذر التقرير من أن هذا السيناريو قد يكون "الأكثر خطورة" على الأمن الإقليمي والمصالح الأميركية، ولن يؤدي فقط إلى زيادة تأثير إيران، ولكن ونظراً لضعف الفصائل السياسية الأخرى في اليمن يمكن أن تجعل الحوثيين كقوة مهيمنة في السياسة اليمنية".
وفيما يتعلق بالسيناريو الثالث، توقع التقرير أن يفقد الحوثيون أراض، لكن المجتمع الدولي يضغط بشكل أكبر على هادي وحلفائه في التحالف للتوصل إلى حل سياسي يشمل على الأقل بعض التمثيل النسبي للحوثيين، حيث تتفاوض حكومة هادي على اتفاق محدود لتقاسم السلطة مع الفصائل الحوثية المعتدلة، ويشمل هؤلاء المعتدلون أعضاء سابقين في المؤتمر الشعبي العام، الذين تحالفوا مع الحوثيين بعد انشقاق صالح، وبعض الحوثيين الذين اكتسبوا خبرة حكومية في إدارة الشؤون في صنعاء.
واعتبر أن هذا الاختلال يمكن أن يتسبب في حدوث انقسام في حركة الحوثيين، حيث يستفيد المعتدلون من الاندماج السياسي، لكن المتشددين يختارون بدلاً من ذلك طلب الدعم الإيراني والتصرف بأنفسهم ضد الحكومة.
وأشار التقرير إلى أن هناك عاملين رئيسيين من المحتمل أن يساعدا المراقبين على فهم السيناريوهات التي يمكن أن تحدث هما؛ إحياء المؤتمر الشعبي العام ووقف الاقتتال الداخلي في صفوف التحالف، وإعادة تشكيل شبكة صالح السياسية وقواتها العسكرية التي أعاد التحالف بناءها.
وتوقع التقرير أن يحدث هذا السيناريو تطورا كبيرا في الحرب على الحوثيين – حيث سيفقد الحوثيون مناطق يسيطرون عليها، "ولكي يحدث ذلك قد يحتاج إلى شخص ما كـ"نجل صالح" (أحمد علي) ونائب الرئيس علي محسن الأحمر على الرغم من الاحمر قد يكون غير مرحب به لواضعي السياسات الأميركية والأوروبية، وهما شخصيتان محتملتان".
وأكد التقرير أن القوات الإماراتية والسعودية كان دورها حاسماً في المجهود الحربي، "وستلعب خياراتها المستقبلية دورا رئيسا في تحديد مقدار وسرعة خسارة الحوثيين".
وذكر التقرير أن أن أهم الخيارات المستقبلية استعادة مدينة الحديدة الساحلية من الحوثيين، والتي تعد شرياناً حاسماً بالنسبة للحوثيين.
ورأت مؤسسة راند في تقريرها أنه وفي حال سقوط الحديدة، يتوقع بأن يعاني الحوثيون من المزيد من الخسائر الإقليمية مع تقدم قوات التحالف نحو صنعاء من الغرب والشرق.
وقال التقرير إنه "لا السعودية ولا الإمارات على استعداد لتصعيد القتال في اليمن بشكل جذري، وذلك لأن هذا الموقف يمكن أن يتغير فجأة إذا استهدف الحوثيون السكان في أبوظبي أو الرياض بصاروخ باليستي".
وخلص التقرير إلى أن استمرار النجاح العسكري للحوثيين يعني الإبقاء على الخطوط الأمامية للصراع حول الحديدة وصنعاء، والسيطرة على هذه المناطق، التي تضم الكثير من السكان توفر قاعدة قوية لشن هجمات في المحافظات الوسطى والجنوبية الشرقية (على سبيل المثال، البيضاء وشبوة) وتبقى تهديدا للحدود السعودية في الشمال.