من تابع حالة الانقسام الواضحة خلال الأيام القليلة الماضية في أوساط أفراد الجالية اليمنية في الولايات المتحدة بشكل عام ، ومدينة نيويورك بصورة خاصة، سواء بحضور الفعاليات بالحضور الشخصي والمظاهرات ، أو عبر المواطن الصحافي ( شبكات وبرامج التواصل الاجتماعي – فيس بوك وتويتر وانستغرام وواتس آب)؛ يعرف مدى حالة الانقسام الأيدلوجي السياسي إن صح التعبير في أوساط الجالية اليمنية في الولايات المتحدة، خاصة بعد خروج مظاهرة جماهيرية حاشدة في شوارع نيويورك تطالب برفع حصار التحالف العربي الجوي على مطار صنعاء، المنددة بجرائم دول التحالف العربي في اليمن ، وصولاً إلى منزل السيناتور الديمقراطي تشاك شومر الجمعة الماضية، كما عُقد الأحد الماضي المؤتمر الوطني الأول للجالية اليمنية منفردا بمن حضر ، حيث تغيب اثنان عن المشاركة في جلسته من أعضاء اللجنة المخولة بكسر الحصار عن مطار صنعاء وتأخر ثالث ويدعى معين الصايدي حتى انتهاء المؤتمر زمنياً، بعد مظاهرة الجمعة بيومين ، مما يؤكد الشيء نفسه وهو ظهور انقسام وحالة فرز سياسي ومناطقي في أوساط الجالية لأجندات وأطراف سياسية يمنية لا تخرج عن الصراع السياسي نفسه في البلاد ، فما الذي يمنع إطلاق مظاهرة حاشدة ومؤتمراً وطنياً في ذات اليوم ، رغم الهدف الموحد والشعار يطرح بعض اليمنيين هنا في نيويورك ؟. وقال ملحق شؤون المغتربين عن حكومة صنعاء ( أنصار الله ) ، غير المعترف بها دولياً ،عبد الولي الردي لـ”القدس العربي”: ” أن انعقاد المؤتمر الوطني الأنف الذكر جاء لإيصال مظلومية الشعب اليمني للعالم ، وفتح المعابر والطرق في مناطق الصراع ، داعياً جميع أطراف الصراع تقديم تنازلات لصالح الشعب اليمني، مضيفاً أن المؤتمر خلق حالة من التوازن في أوساط الجالية اليمنية في أمريكا ، رغم سيطرة البعض عليها ، إلا أن المؤتمر حقق نجاحاً، وأن من يقدم المشروع الأفضل للشعب اليمني سوف يلتف الجميع حوله. واعتبر عدد من الناشطين السياسيين اليمنيين تصريحه هذا بمثابة إيحاء منه أن الحوثيين أرادوا خلق حاضنة شعبية لهم في المحافل الدولية، خاصة مع عدم وجود اعتراف دولي بهم كحكومة منتخبة وشرعية، بل حكومة انقلاب أو أمر واقع . وهو ما أكد عليه الدكتور نبيل الشرجبي أستاذ الصراعات والأزمات بجامعة الحديدة اليمنية ، في مداخلة مع “القدس العربي” بأن كلا الطرفين المتصارعين في اليمن الحكومة الشرعية والحوثيين، ليس لهم تأثير في الجانب الدبلوماسي بشكل عام ، مثل حكومة هادي لأسباب كثيرة، وانعدام الاعتراف الدبلوماسي وعدم تمثيلها في الخارج مثل جماعة الحوثيين ، فإنه حتم عليهم الخوض معاً في معركة لمحاولة كسب الجانب الشعبي في الخارج ممثلا بالجاليات اليمنية ، والتي هي في نفس الوقت جزء من هذه الحرب لأسباب مباشرة أو لأسباب غير مباشرة”. ومما يؤكد تحليل الدكتور الشرجبي في هذا الإطار هو انعقاد ا مؤتمر الذكرى 58 لثورة 26 أيلول – سبتمبر – الخالدة اليوم الخميس بصالة النجوم التجارية ، المملوكة لرجل أعمال يمني . لا نعرف حتى الأن من وراء تنظيمها؟ لكن الناشط نبيل أحمد عقيل كتب في مجموعة “يمانيون في المهجر” تعنى بأخبار الجالية اليمنية في أمريكا ،على “فيسبوك”، بالقول “ بعض الغوغائيين في أمريكا يحاولون نقل ما عجزوا عنه باليمن لأمريكا لعرض عضلاتهم على أنهم مشايخ وعيال مشايخ و مسؤولين وأبناء مسؤوليين فتباً لكل مغترب يعطيهم المكانة والدعم المالي والمعنوي وينصبوهم مشايخ عليهم وهم في بلد النظام والقانون ، سحقاً لكل مغترب يحاول أن يعيد تلك العاهة السيئة لتمريرها وتجسيدها في وطن الغربة ، فلو كانت المشيخة عزة وثبات على مدار الأزمان لكانوا مشايخ قبيلة حاشد وبكيل حكام اليمن ولم يهاجروا منها عقب اجتياح الحوثيين لصنعاء، لكنها مشيخة الذل والهوان وأكل أموال الناس بالباطل ، واليوم كما تشاهدونهم داخل اليمن تبخروا وأصبحوا أدوات رخيصة، لجميع الأطراف المتحاربة لرفد الجبهات لحرب عبثية تقتل خيرة شباب اليمن ،الدولة المدنية مطلب كل يمني حر الأقاليم حياة كريمة لكل اليمنيين . #26_سبتمبر_ثورة_حياة“.
توظيف أدوات الصراع
يقول الدكتور نبيل الشرجبي في مداخلته لـ”القدس العربي” ، بأنه في حالات الصراع الممتد مثل الذي تشهده اليمن تلجأ الأطراف المتصارعة إلى توظيف مختلف الأدوات والأطراف لتساعدها في معركتها تلك.
كما يعمل التقسيم المناطقي والفرز المذهبي والمصالح النفعية أحد أهم أدوات تحريك تلك الجاليات لتأييد طرف على حساب طرف أخر.
كما أشار الدكتور الشرجبي بأن إطراف الصراع تقوم بتغذية تلك الجاليات بالكثير من المعلومات أو حتى الأموال لمحاولة إيصال معاناتهم للمجتمع الدولي ومؤسسات المجتمع المدني والتي أصبحت لها تأثير على كثير من سياسات الدول، فمن خلال تلك الجاليات التي تشرف عليها منظمات مدنية ظاهرة أو غير ظاهرة، تتحرك وفق مخطط مرسوم لها من أحد أطراف الصراع لمحاولة الحصول على موقف مؤيد لها أو الحصول على مساعدات إنسانية مالية .
لوبي جاليات لكل طرف
أتهم نائب رئيس التيار الوطني الحر اليمني ، السيد أمين علي الحميدي ، الذي أسس في برلين في العام 2014 ، بعد انقلاب الحوثيين ، ويقول أعضاءه وقيادته انه حزب مستقل ، لكنه يعمل مع التيار الحوثي في ذات الاتجاه وذات الكيمياء السياسية. وأشار الدكتور نبيل الشرجبي في حديثه لـ “القدس العربي” بأن الأخطر ، من كل ذلك هو أن تلك الجاليات بدأت تشكل جماعة ضغط ، ولو محدود لتبيض مواقف وسياسات طرف ما في الصراع السياسي ، في ظل غياب أي طرف رسمي فاعل وهم على عكس ما يدعون أنهم حياديون فهم بكل أسف جزء أساسي من سياسات أطراف الصراع. فيما أتفق أكاديميون آخرون مع طرح الدكتور الشرجبي لكنهم فضلوا أن لا يدلوا بدلوهم خشية تعرضهم للمساءلة من قبل مليشيات الحوثيين ، حيث أنهم يقيمون في مناطق سيطرتهم الجغرافية .
وعند سؤال “القدس العربي” عن أسباب تغيب اثنان من أعضاء لجنة فك الحصار المنبثقة من المؤتمر الوطني ذاته، اللذين من المفترض بهم أن يكونوا أول الحاضرين والمعنيين بالحضور والشأن، وعلى رأسهم الدكتور دحان النجار ؟ أجاب : الدكتور دحان النجار مسافر خارج أمريكا، وهو رئيس المركز اليمني أو رئيس المركز العالمي للإغاثة الإنسانية بالأحرى ، وهو في حراك وأداء أعمال إنسانية وإياتلدمين والمشاركين من ولاية ميتشيغن وهو عضو لجنة رفع الحصار عن مطار صنعاء، هل سافر هو الأخر خارج أمريكا بصورة مفاجئة؟ لديه التزامات شخصية ، أعتذر عن الحضور وبعث مقاطع فيديو لشرح ورقة عمله في المؤتمر، لكن لم نعرضها نظراً لضيق الوقت. فيما أتهم جهات خارجية بالوقوف خلف ما أسماها “ حالة التنويم للجالية اليمنية “. في اليوم نفسه العشرين من هذا الشهر ، وفي تناغم واضح خرج نائب وزير شؤون المغتربين التابع للحوثيين في تصريح ليومية الثورة الرسمية القابعة تحت سيطرتهم منذ اجتياحهم العاصمة اليمنية صنعاء عام 2015. بالقول : “عمدنا إلى تفعيل دور الدبلوماسية الشعبية عبر الجاليات اليمنية في الخارج ، بعد اختطاف السفارات في الخارج من قبل دول العدوان (التحالف العربي )”.
أتهم نائب رئيس التيار الوطني الحر اليمني ، السيد أمين علي الحميدي ، في تصريح صحافي لـ”القدس العربي” الحكومة الشرعية اليمنية المدعومة من التحالف العربي والمعترف بها دولياً بتقسيم الجالية اليمنية في الولايات المتحدة،والتحريض على عدم حضور عدد كبير في المؤتمر الوطني الأول للجالية اليمنية الذي هو أبرز المنظمين له، وأسهب بالقول : “ما ذكرته موجود من أول يوم للعدوان ولكن من طرف واحد وهو الشرعية لأن من يخرج ضد الحرب ليس بالضرورة يكون مع حكومة صنعاء (أنصار الله) وإنما حباً بالوطن وباليمن . وهم غالبية الأحرار .. ومن خرج ضد وطنه فهو مأجور وعميل لأطراف خارجية، تحركه ويقبض ثمن تحركه . وحزبه الأنف الذكر حزب سياسي يمني أسس في برلين في العام 2014، بعد انقلاب الحوثيين ، ويقول أعضاءه وقيادته انه حزب مستقل ،لكنه يعمل مع التيار الحوثي في ذات الاتجاه وذات الكيمياء السياسية. وأشار الدكتور نبيل الشرجبي في حديثه لـ”القدس العربي” بأن الأخطر ، من كل ذلك هو أن تلك الجاليات بدأ تتشكل جماعة ضغط ، ولو محدود لتبيض مواقف وسياسات طرف ما في الصراع السياسي ، في ظل غياب أي طرف رسمي فاعل وهم على عكس ما يدعون أنهم حياديون فهم بكل أسف جزء أساسي من سياسات أطراف الصراع.
مصالح نفعية لأطراف الصراع
يقول أستاذ إدارة الأزمات والصراعات في جامعة الحديدة في أفادته لـ “القدس العربي” نبيل الشرجبي ، بأن المصالح النفعية أحد أهم أدوات تحريك تلك الجاليات لتأييد طرف سياسي على حساب طرف آخر.
ويؤكد الدكتور الشرجبي كذلك أن تلك الجاليات أصبحت مصدرا أو مصادر معلومات لأطراف الصراع في الداخل، وعن توجهات الأفراد والمؤسسات في تلك البلدان ، حتى تتمكن تلك الأطراف المتصارعة التواصل مع تلك المؤسسات أو الأفراد أيضا لمحاوله شرح مواقفها المختلفة من قضايا الصراع. في الوقت عينه حذر اليوتيوبر اليمني الأمريكي الساخر جلال الصلاحي على قناته على يوتيوب، أبناء الجالية اليمنية من ممثل الحوثيين لشؤون المغتربين ، واتهمه بالتجسس لصالح التيار الحوثي على المغتربين والمعارضين سياسياً للحوثيين، خاصة بعد عقده مؤتمرا وطنياً الأحد الماضي للجالية حضره مئات اليمنيين في نيويورك ، عبر جمع قاعدة معلومات حولهم ، بغية ملاحقتهم وابتزازهم عبر أقاربهم إن وجدوا في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين ، محذرا من استغلالهم لعاطفة اليمنيين في الخارج ، خاصة بعد خذلان دول التحالف للشعب اليمني وحكومتهم الشرعية ، وعدم تحقيق القوات الشرعية مسنودة بالتحالف السعودي.