يتوجه الجزائريون اليوم الأحد إلى مكاتب الاقتراع للتصويت في استفتاء تعديل الدستور، المشروع الذي يراهن عليه الرئيس عبد المجيد تبون كثيرا لبناء ”جزائر جديدة“ وفق قوله، لكن الاستفتاء سيجري في غياب الرئيس الذي تم نقله إلى ألمانيا للعلاج.
وسيكون الناخبون الجزائريون مطالبين بالإجابة عن سؤال ”هل أنت مع تعديل الدستور أم ضدّ؟“، والتعديل هو مشروع جاء به رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون غداة انتخابه في ديسمبر / كانون الأول 2019، حيث أعلن في خطاب أداء اليمين الرئاسية، أن تعديل الدستور يشكل أولوية بالنسبة إليه.
وتتضمن وثيقة تعديل الدستور عدة تعديلات على دستور سلفه عبد العزيز بوتفليقة، ومن ذلك غلق العهدات الانتخابية لرئيس الجمهورية ونواب البرلمان، وتحديدها باثنتين والسماح للجيش بتنفيذ مهام خارج حدود البلاد وتحجيم صلاحيات الرئيس وإسناد رئاسة الحكومة إلى الأغلبية البرلمانية، وفي حال فوز الأحزاب الموالية للرئيس بأغلبية المقاعد، فإن الرئيس هو من يعين وزيرا أول.
حملة ترويج وتحفظات
و قد كانت هذه التعديلات وغيرها محور حملة ترويج، نشطها وزراء وأحزاب سياسيّة وشخصيات موالية للسلطة، على مدار ثلاثة أسابيع، من أجل شرح مضامين الدستور في نسخته الجديدة، حيث سيكون في حال إقراره، ثامن دستور للجزائر.
وعمل منشطو حملة الاستفتاء على إقناع الناخبين بالتصويت لفائدة التعديل الدستوري، لكن الحملة لم تخل من تجاوزات و“استفزازات“ بحسب وصف متابعين، حيث أبدت المعارضة تحفظات على بعض محاور الحملة والتصريحات الصادرة عن مسؤولين رسميين، من بينهم وزير الشباب والرياضة سيد علي خالدي، الذي دعا معارضي الدستور الجديد إلى ”مغادرة البلاد“، ما خلف حملة استهجان كبيرة وسط الطبقة السياسية.
ومثّل اختيار التوقيت (1 نوفمبر / تشرين الثاني) أيضا مصدر انتقاد من جانب المعارضة التي رأت أنّ جعل الأول من نوفمبر موعدا للاستفتاء، وهو تاريخ اندلاع الثورة ضد الاستعمار توظيفا لهذا الرمز التاريخي الذي يعد ملكا لكل الجزائريين، بالإضافة إلى الجو العام في البلاد، الذي تعتبر المعارضة أنه يتّسم بالانغلاق الإعلامي وتقييد الحريات وسجن النشطاء ومنع المظاهرات.
ظروف استثنائية
وتأتي هذه المحطة الانتخابية التي سوّق لها أنصار الرئيس تبون بشكل كبير في ظل ظروف استثنائية منها مرض الرئيس عبد المجيد تبون ونقله إلى ألمانيا للعلاج منذ يوم الأربعاء الماضي حيث ألمحت رئاسة الجمهورية إلى إصابته بفيروس ”كورونا.
ورغم تأكيد السلطات أن حالته ”لا تدعو إلى القلق“ فإنّ القلق يكمن لدى أنصار الرئيس في ضعف نسبة المشاركة في الاستفتاء، لا سيما مع الوضع الوبائي في البلاد مع تضاعف عدد الإصابات بفيروس ”كورونا“ في الأيام الأخيرة، إضافة إلى دعوات ”الحراك“ (أكبر فصيل شعبي معارض) إلى مقاطعة هذه المحطة الانتخابية، حيث يستعد لتنظيم مسيرات بالعاصمة الجزائر تزامنا مع بدء التصويت، ما قد يربك الوضع نسبيا، فيما تبدو السلطات الأمنية على أتم الاستعداد للتعاطي مع أي تطور.
ومن جانبها تؤكّد السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، وهي الهيئة المكلفة بتنظيم الاستحقاقات الانتخابية، أنّها ماضية في إتمام العملية، متفائلة بنجاحها وهي ”على أتم الاستعداد لاستفتاء هذا الأحد“، بحسب ما أكده رئيسها محمد شرفي في تصريح إعلامي السبت.
وتعدّ الهيئة 24 مليون مسجل، وفي آخر انتخابات شهدتها البلاد، وهي الانتخابات الرئاسية لسنة 2019، التي أوصلت تبون إلى سدة الحكم، بلغت نسبة المشاركة 39 بالمئة، حسب النتائج الرسمية، ومن شأن العزوف أن يحرج السلطة سياسيا، غير أنّ القانون الانتخابي الجزائري لا يضع في الاعتبار نسبة المشاركة، ويتم التصديق على النتائج بصرف النظر عن عدد المصوتين ومهما كانت نسبة المشاركة ضعيفة.