2020/11/21
محمد بن زايد في مذكرات أوباما.. وملامح سياسة بايدن

جاء توقيت نشر مذكرات الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، بعد أيام قليلة من نتائج الانتخابات الرئاسية التي أظهرت فوز مَنْ كان نائبه في البيت الأبيض، جو بايدن، ليُسعف هذا التوقيت مُستطلعي السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط خلال السنوات الأربع المقبلة، بكمّ ٍمن المفاتيح التأشيرية الوثيقة.

فقد عمل بايدن نائبًا للرئيس أوباما طوال الفترة من العام 2009 إلى 2017، وكان مؤهلًا بخبرة سياسية طويلة لأن يكون قريبًا إلى حدود الشراكة برسم وتنفيذ سياسات أمريكية عاصفة وخلافية في الشرق الأوسط، تتفاوت التقديرات الآن بشأن احتمالات استعادتها .

وكتاب أوباما الذي صدر الجزء الأول منه بعنوان“أرض الميعاد“، محققًا مبيعات هي الأعلى في الكتب الأمريكية منذ 2017، ستصدر منه 24 طبعة بلغات مختلفة، بينها العربية.

جاء توقيت نشر مذكرات الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، بعد أيام قليلة من نتائج الانتخابات الرئاسية التي أظهرت فوز مَنْ كان نائبه في البيت الأبيض، جو بايدن، ليُسعف هذا التوقيت مُستطلعي السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط خلال السنوات الأربع المقبلة، بكمّ ٍمن المفاتيح التأشيرية الوثيقة.

فقد عمل بايدن نائبًا للرئيس أوباما طوال الفترة من العام 2009 إلى 2017، وكان مؤهلًا بخبرة سياسية طويلة لأن يكون قريبًا إلى حدود الشراكة برسم وتنفيذ سياسات أمريكية عاصفة وخلافية في الشرق الأوسط، تتفاوت التقديرات الآن بشأن احتمالات استعادتها .

وكتاب أوباما الذي صدر الجزء الأول منه بعنوان“أرض الميعاد“، محققًا مبيعات هي الأعلى في الكتب الأمريكية منذ 2017، ستصدر منه 24 طبعة بلغات مختلفة، بينها العربية

وفي الكتاب عن الشرق الأوسط وقياداته التي التقاها أوباما من تفاصيل القضايا المزمنة، بدءًا من خفايا مرحلة الربيع العربي، والحرب في سوريا، والعلاقة مع تركيا، مرورًا بالاتفاق النووي مع إيران، وانتهاء بالمرابطة العسكرية الأمريكية في المنطقة، وما يسميه“ الحروب التي لا تنتهي“، ما يغري بالمقاربة والتكهن بشأن الذي سيواصله أو يتجاوزه نائبه بايدن خلال السنوات الأربع المقبلة.

التغيير وليس الاستعادة

يوصف بايدن بالتعميم، أنه نقيض دونالد ترامب في نواح ٍ كثيرة، من بينها ملف الشرق الأوسط، لكنه في المقابل، وبالتأكيد، ليس أوباما وإن كان استلهم منه الكثير.

ولذلك فإن نهج بايدن المرجح في الشرق الأوسط، بحسب تقديرات مركز بروكنغز أديوكيشن للدراسات، هو ”التغيير وليس الاستعادة“: إنهاء السياسات الجامحة التي تدار بتغريدات تويتر، كما ابتدعها ترامب، وتجنّب استعادة النهج الانقلابي الذي كان اعتمده أوباما في المنطقة، وأحدث ثغرات عميقة في ثقة قيادات الشرق الأوسط بواشنطن.

وما بين الردّة الانقلابية على إرث ترامب، والنأي المستحق عن موروث أوباما، تتبقى لبايدن في الشرق الأوسط مساحة غير مُسيّجة استجدت عليها خلال السنوات القليلة الماضية حقائق على الأرض يصعب تجاوزها.

ففي خطاب له، في شهر تموز الماضي، أيّد بايدن قراءات الذين يتوقعون له أن“ يُغيّر ولا يستعيد“، عندما قال إن الكثير تغير خلال السنوات الماضية، وإن المشهد أضحى“أشد ازدحامًا وتنافسًا وتعقيدًا“.

وكان بايدن في هذا التشخيص يبرر الأولويات الجديدة التي سيعتمدها ببناء تحالفات يكون عنوانها“ إعادة تعريف وتشغيل الديمقراطية“، مع الأخذ بالاعتبار قضايا حقوق الإنسان، و البيئة، والطاقة النظيفة، واستنطاق الثورة التكنولوجية، وهي قضايا كان ناقش بعضها خلال زيارته لدولة الإمارات في مارس 2016، وعاينها في مدينة ”مصدر“ في أبوظبي التي تعمل مع نظراء أمريكيين للدفع بالمساعي العالمية نحو نشر واعتماد الطاقة المتجددة، والتقنيات النظيفة، وتحفيز الابتكار والبحوث.

كيف تكون أمريكا في الشرق الأوسط ”قوية وذكية“؟

في مذكراته التي حظيت حتى الآن بقراءات عريضة، يستهدف بعضها البحث عن تلاوين صورة بايدن عندما كان نائبًا للرئيس، يعرض باراك أوباما نظريته في الكيفية التي تستطيع فيها الولايات المتحدة أن تكون في الشرق الأوسط “ قوية وذكية بنفس الوقت“. ويقصد بذلك أن تقلص وجودها العسكري في المنطقة إلى بضع مئات من القوات الخاصة، والتجهيزات الاستخبارية، التي يكون هدفها دعم شركاء واشنطن في المنطقة بمواجهة الإرهاب.
لقد وصل الانطباع السائد في البيت الأبيض في نهايات عهد أوباما، إلى أن“الشرق الأوسط لا يزال مهمًا للولايات المتحدة، إلا أنه أقل أهمية بشكل ملحوظ مما كان عليه في السابق“، كما كتبت المسؤولتان في إدارته، تمارا ويتس، ومارا كارلين.

وما زال تيار الوسط في الحزب الديمقراطي من حول جو بايدن يتساءل علانية عما إذا كانت المنطقة تستحق المستويات العالية من المشاركة العسكرية التي حافظت عليها الولايات المتحدة لعقود.

وما حصل مع أوباما هو أنه اختار في الشرق الأوسط حلفاء جددًا بدلًا من الذين تعاونت معهم واشنطن طوال القرن الماضي، واختار ”الإسلام السياسي “ شريكًا جديدًا لواشنطن، وتمثل ذلك برعاية الإخوان المسلمين وتسليمهم مصر، من جهة، والاتفاق مع ملالي إيران تحت مظلة ”النووي“ من جهة أخرى.

2020-11-31-1

أوباما يستذكر تفاصيل لقائه محمد بن زايد

يروي أوباما في مذكراته تفاصيل من الغضب الخليجي والعربي الذي تراكم بسبب ما أحدثته رعاية إدارته لفوضى الربيع العربي، وتسليم مصر للإخوان المسلمين. حيث يقول إنه كان يعي بأن“رعاية إدارته للإخوان في مصر كانت نقلة أطلقت صراعًا من أجل روح العالم العربي ظلت نتائجه حتى الآن بعيدة عن اليقين“.
ويستذكر في السياق محادثة أجراها مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بعد أن طلب ( أوباما) من الرئيس المصري محمد حسني مبارك التنحي عن السلطة.
ويصف أوباما الشيخ محمد بن زايد بأنه“ شاب حصيف، وقريب من السعوديين، وربما أذكى زعيم في الخليج، ولم يكن ينمّق كلماته وهو يصف كيف تلقّت المنطقة تلك الأخبار“.
ويقول أوباما:“أبلغني محمد بن زايد أن التصريحات الأمريكية عن مصر والبحرين تخضع في الخليج لمراقبة عن كثب، ورددتُ عليه أنني أتمنى العمل معه ومع آخرين لتجنب الاضطرار إلى الاختيار بين جماعة الإخوان المسلمين والاشتباكات العنيفة المحتملة بين الحكومات وشعوبها“. ونسب أوباما إلى محمد بن زايد قوله إن“الرسالة العلنية لا تؤثر على مبارك، لكنها تؤثر على المنطقة“.
ويضيف أوباما أن محمد بن زايد حذّر من أن سقوط مصر، وتولي الإخوان زمام الأمور، سيُخلان باستقرار 8 دول عربية أخرى،“ولهذا انتقد بياني، قائلًا:“يظهر أن الولايات المتحدة ليست شريكًا يمكننا الاعتماد عليه على المدى الطويل“، وكان صوته(محمد بن زايد) هادئًا، وأدركت أنه لم يكن طلبًا للمساعدة بقدر ما كان تحذيرًا من أنه مهما حدث لمبارك، فإن النظام العربي لن يتنازل وسيقاتل.
ويعترف أوباما في مذكراته أنه ”لم تكن لديه طريقة أنيقة لشرح التناقض الظاهر في حديثه سوى الاعتراف بأن العالم كان فوضويًا، وأنه في إدارة السياسة الخارجية تجب عليه الموازنة باستمرار بين المصالح المتنافسة: المصالح التي تشكلها اختيارات الإدارات السابقة والأخرى التي توجبها الطوارئ المستجدة“.

2020-11-33-72

اللقاء الذي تحول إلى قصة

لم يكن ذلك اللقاء بين الرجلين، بتاريخ 31 أبريل 2015، الوحيد الذي حصل بينهما، لكنه أضحى حدثًا استثنائيًا في التوثيق الصحفي لقوى التأثير على البيت الأبيض.
ويصف ”بن رودس“ نائب مستشار الأمن القومي في إدارة أوباما وهو يستذكر تلك المقابلة، شخصية الشيخ محمد بن زايد بأنه“يمتلك طريقة استثنائية في تبليغ الأمريكان بما يريده.. يجعل الأمر يمر من خلال نصائح تتعلق بالمنطقة.
ويضيف بن رودس أنه“عندما يكون الحديث عن الذين لديهم نفوذ في واشنطن، فإن محمد بن زايد يُعتبر فصلًا خاصًا بمفرده“.
وأيضًا ”دنيس روس“ الذي عمل في مجلس الأمن القومي في إدارة أوباما، احتفظ في ذاكرته بذلك اللقاء بين ولي عهد أبوطبي وباراك أوباما، ويستذكره بالقول إن“ محمد بن زايد لم يتردد خلال حوارهما عندما تطرق الحديث لموضوع تنحية الرئيس المصري محمد حسني مبارك، في 2011،  في إظهار عدم رضاه، وبتعابير تجهر أمام كل مسؤول أمريكي بمن فيهم الرئيس، فقد طرح سؤالًا وجاهيًا يقول:“هل هذه هي الطريقة التي تُعامل فيها الولايات المتحدة صديقًا قديمًا؟!“
واستذكرت صحيفة ”نيويورك تايمز“، العام الماضي، قصة ذلك اللقاء، وجعلته جزءًا من ”بروفايل“ للشيخ محمد بن زايد، مستحضرة سوية العلاقات الوثيقة التي أقامها ولي عهد أبوظبي مع الرؤساء الأمريكان: جورج بوش، وباراك أوباما، ودونالد ترامب. واعتبر ذلك كاريزما قيادية موسومة بالتواضع الذي أثراه راعيه بدراسة عسكرية في ساندهيرست البريطانية.

2020-11-555-15

موقف أوباما وبايدن تجاه أردوغان
مستطلعو سياسات بايدن المحتملة في الشرق الأوسط لم تقدم لهم مذكرات أوباما الشيء الكثير غير المعروف عن الاستهانة والتقريع اللذين طالما تحدث بهما الرجلان عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. فكلاهما، أوباما وبايدن، يتفقان على وصف أردوغان بأنه ديكتاتور فاشل. واحتاج أردوغان عندما كان رئيسًا للوزراء للجوء للوبيات في واشنطن للتوسط له من أجل أن يعود أوباما ويقبل لقاءه.
وفي مذكراته يستبدل أوباما أوصاف التقريع التقليدية التي كان يطلقها على أردوغان بالسخرية من مشيته، وخنوعه، واستجابته لما تطلبه منه الولايات المتحدة.
ويقول أوباما:“في كل مرة كنت أستمع فيها إلى أردوغان وهو يتحدث، كانت قامته الطويلة تنحني قليلًا إلى الأمام، وصوته يخرج متقطع النبرة، وترتفع نغمته في ردة الفعل على الشكاوى المختلفة أو الإساءة المتصورة. ”.
ووصف أوباما علاقته بأردوغان بأنها كانت مبنية على المصالح الشخصية، وليس على الاعتقاد بأنهما شريكان في أي التزام يتعلق بالديمقراطية.“لقد تكوَّن لدي انطباع قوي بأن التزامه بالديمقراطية، وسيادة القانون، قد يستمر بشرط أن يحافظ ذلك على سلطته.“
وأضاف أن بعض المراقبين أشاروا إلى أن أردوغان قد يقدم نموذجًا للإسلام السياسي المعتدل، والحديث، والتعدّدي، لكنني خلال محادثاتي مع أردوغان كانت لدي شكوك بذلك“.

 وأدانت تركيا، يوم السبت، تصريحات وصفتها بـ“التدخل”، أدلى بها المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية جو بايدن، في ديسمبر/ كانون الأول، عندما دعا لتبني نهج أمريكي جديد ضد الرئيس “المستبد” رجب طيب أردوغان، ودعم أحزاب المعارض

وتجاوز موقف بايدن من أردوغان الأوصاف التي أطلقها عليه أوباما، حيث تعهد بايدن بأن يعمل لإسقاطه بدعم معارضيه في الانتخابات

و في حديث مع صحيفة نيويورك تايمز ، قال بايدن:“عليه أن يدفع ثمنًا، وما أعتقد أنه يجب علينا فعله هو اتباع منهجية مختلفة جدًا معه الآن، وذلك بأن نجعل الأمر واضحًا أننا ندعم قادات المعارضة ليكونوا قادرين على التغلب عليه وهزيمته، وليس من خلال انقلاب بل من خلال العملية الانتخابية”.

تم طباعة هذه الخبر من موقع المشهد الخليجي https://almashhadalkhaleeji.com - رابط الخبر: https://almashhadalkhaleeji.com/news16916.html