قالت صحيفة ”واشنطن بوست“ إن تعهد الرئيس الأمريكي المنتخب حديثًا جو بايدن بإلغاء قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتعلق بما عُرف لاحقًا بـ ”حظر المسلمين“، وهي السياسة التي تمنع الأشخاص من بعض البلدان من السفر إلى الولايات المتحدة، قد يستغرق تنفيذه سنوات.
وفرض ترامب، الذي كان أقام حملته الانتخابية في العام 2016 على التعهد بمراقبة المسلمين الأمريكيين، وإبعاد المسلمين الآخرين عن الولايات المتحدة، الحظر بعد أسبوع من توليه منصبه، ومنع دخول الرعايا الأجانب من 7 بلدان ذات أغلبية مسلمة، هي: إيران، والعراق، وليبيا، والصومال، والسودان، وسوريا، واليمن، وتم تعليق جميع اللاجئين الوافدين.
ووفقًا لصحيفة ”واشنطن بوست“ الأمريكية، يستمر الحظر الآن في ثالث فترة له بعد العديد من الطعون القضائية، ويحظر دخول معظم المسافرين من: إيران، وليبيا، وكوريا الشمالية، والصومال، وسوريا، واليمن، فضلًا عن المهاجرين من إريتريا، وقرغيزستان، وميانمار، ونيجيريا، وبعض الأشخاص من تنزانيا، وفنزويلا.
وقال بايدن، الذي يعتقد، مثل غيره في الحزب الديمقراطي، أن الحظر يخدم مخططًا عنصريًا وليس غرضًا أمنيًا قوميًا، إن مثل هذا الحظر ”خاطئ أخلاقيًا“، وتخطط إدارته للتخلص منه خلال أول 100 يوم من توليه منصبه، مما يعني أن موقف الحكومة الأمريكية قد يتغير بحلول الربيع.
وقال موقع حملة بايدن على شبكة الإنترنت:“إن تحيز إدارة ترامب ضد المسلمين يضر باقتصادنا، ويخون قيمنا، ويمكن أن يكون أداة قوية للتجنيد في أيدي الإرهابيين، فمنع المسلمين من دخول البلاد أمر خاطئ أخلاقيًا، ولا توجد معلومات استخبارية أو أدلة تشير إلى أنه يجعل أمتنا أكثر أمنًا، إنها إساءة استخدام أخرى للسلطة من قِبل إدارة ترامب تهدف إلى استهداف المهاجرين ذوي البشرة السوداء والبنية في المقام الأول، وسيلغي بايدن قرار حظر المسلمين على الفور“.
ولا يزال الحظر الحالي يؤثر في المقام الأول على المسلمين، ويقدر محامو الهجرة والمدافعون عنها أن عشرات الآلاف من الأشخاص قد رُفضت طلباتهم للحصول على تأشيرات الدخول بشكل صريح، أو يجلسون لأشهر وسنوات في انتظار ما يُعرف باسم ”المعالجة الإدارية“.
وقال المدافعون عن الهجرة، وحلفاء بايدن خلال مقابلات سابقة، إنهم واثقون من أن بايدن سيلغي الحظر في أول يوم له في منصبه.
وتحدث السيناتور ريتشارد دوربن، قائلًا:“حظر سفر المسلمين سيكون من بين الخطوات الأولى، وهي خطوة مهمة من الناحية النفسية“.
آلية إلغاء الحظر
ويشير الخبراء إلى أنه نظرًا لأن الحظر قد تم تطبيقه من خلال أمر تنفيذي، يمكن لبايدن إلغاؤه بنفس الطريقة، ويمكن أن تُرسل توجيهات جديدة إلى الموظفين القنصليين ومسؤولي الجمارك، وحماية الحدود في الولايات المتحدة في غضون أيام.
لكن من المرجح أن يستغرق هذا التحول في السياسة وقتًا أطول بكثير، حتى يؤدي لتأشيرات سفر فعلية للأشخاص الذين يأملون في المجيء إلى الولايات المتحدة.
وقال جادير عباس، محامي مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية الذي شارك في قضايا قضائية تطعن في الحظر، إن استعادة الدعم اللوجستي وتشغيله من خلال تفكيك شبكة العقبات البيروقراطية التي أقامتها إدارة ترامب سيستغرقان وقتًا.
ورأى أن معالجة التأشيرات عبر وزارة الخارجية، ومعالجة الالتماسات داخل خدمات الجنسية، والهجرة الأمريكية تعطلتا تمامًا، مشيرًا إلى أن طابع العملية قد تغير بطرق لن يتم تفكيكها على الفور بإلغاء الأمر التنفيذي.
ويقول المؤيدون للحظر إن إلغاء الحظر سيعرض الولايات المتحدة لتهديدات جديدة للأمن القومي، وسيوسع بشكل كبير عبء التدقيق على مسؤولي الاستخبارات، الأمر الذي قد يفاقم تأخير المعالجة.
وقال مسؤول في وزارة الأمن الداخلي يعتقد أن بروتوكولات إدارة ترامب تخدم غرضًا مهمًا، و“تغيير التوجيه سيكون عملًا يستغرق بضعة أيام فقط، ولكن نظرًا لأن عدم الوصول إلى قواعد البيانات الأجنبية الجنائية والإرهابية التي صُمّم الأمر التنفيذي لتعويضها سيبقى قائمًا، فإن عبء العمل على أولئك الذين يقومون بالفرز الفعلي قبل إصدار التأشيرات سيزداد على الأرجح بشكل كبير لأنه سيكون هناك فجأة عدد أكبر بكثير من الأشخاص الذين يتقدمون بطلبات للحصول على تأشيرات، والذين يحتاجون إلى تدقيق أكثر حذرًا“.
ويقدر عباس وغيره من المحامين الذين مثلوا المدعين الذين انفصلوا عن أحبائهم أو وظائفهم أو دورات الكلية أو العلاج الطبي بسبب الحظر، أن عشرات الآلاف من الأشخاص إما رُفضوا رفضًا باتًا بسبب هذه السياسة، أو ينتظرون نتيجة استئنافات المعالجة أو تنازلوا، وقال عباس ومحامون آخرون إن عددًا لا يحصى من الآخرين تجنبوا التقدم للحصول على التأشيرات من البداية.
وكشف عباس عن رفض العديد من التأشيرات على أساس حظر المسلمين، ولكن عدد الطلبات المرفوضة لا يعكس العدد الإجمالي للأشخاص الذين تأثروا بالحظر، بحسب قوله.
وقالت سيرين شيبايا، المديرة التنفيذية للمشروع الوطني للهجرة في نقابة المحامين الأمريكية:“هناك مجموعة كبيرة من الأشخاص الذين كانوا سيتقدمون بطلبات للحصول على تأشيرات زيارة، وتأشيرات دراسة، ومجموعة متنوعة من التأشيرات المؤقتة الأخرى، ومن المرجح أن يبدأوا من الصفر الآن، ولذلك أعتقد أن الذين كانوا من المفترض أن يحصلوا على تأشيرات دخول متعددة قد عادوا إلى نقطة البداية في الإجراءات“.
ومن ثم هناك آخرون تم رفضهم بسبب الحظر، ولكنهم يرغبون في المحاولة مرة أخرى، أو الذين قد تقرر إدارة بايدن أنه من حقهم الحصول على عملية استئناف تلقائية.
وأشارت ”شيبايا“ إلى أن العديد من عمليات رفض إصدار التأشيرات في ظل إدارة ترامب أشارت إلى سياسة الرئيس كسبب، قائلة:“السؤال الآن هو كيف ستتعامل إدارة بايدن مع الذين رفُضت مطالبهم للتأشيرة؟“.
ويشير المدافعون عن المهاجرين واللاجئين إلى أن ترامب لم يكن رائد بروتوكولات التدقيق المطولة، أو التدقيق المطبق على المسافرين من البلدان الإسلامية، حيث عنى التدقيق الصارم والذي كان قيد الاستخدام قبل قدوم ترامب، أن معالجة طلبات المهاجرين يمكن أن تستغرق سنوات.