لم يتوقف مسلسل الجرائم الإسرائيلية، بحق الشعب الفلسطيني منذ عقود، فقد مارس الاحتلال أبشع جرائمه بحق الأطفال والنساء والرجال.
وكان آخرها ما حصل في العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، حيث تسببت الطائرات الحربية الإسرائيلية بقتل جنين في أحشاء أمه، قبل بلوغ الشهر المرسوم استشهد قبل الأوان، دون تحذير أو إنذار، اختطفه صوت الصواريخ، في شهره السادس، من غياهب ظلمات رحم الأم، بصاروخ قناص رجيم.
تيم استشهد قبل أن يولد.. قبل أن يترك صورة لوالديه وقبل أن يتلمس وجه أمه التي حملته ستة لا تسعة. المقيم في أكثر الأماكن أمناً في العالم داخل رحم أمه وفي شهره السادس، ما هي إلا 3 أشهر ويبصر النور في عالم غزة المعتم.. يحدثه والده من وراء حجاب في كل يوم..
أن موعد اللقاء قد اقترب وأن الأشهر القليلة المتبقية ستمضي ويأتي موعد العناق، يحدثه رجلاً لرجل بأنه سيكون عكازه وسنده لشقيقاته الخمس «البنات» اللواتي ينتظرنه على أحر من الجمر.
قتل البهجة
صاروخ غادر يُفقد العائلة هذه الفرحة بعد أن استهدف المنزل الملاصق لمنزلهم في بني سهيلا شرق خان يونس جنوب القطاع، لتضع تلك الصواريخ حداً لهذه البهجة لحياة «تيم» الذي لفظ أنفاسه الأخيرة وقتله رغم اختبائه في أكثر الأماكن أمناً وسلاماً، بعد صرخ وفزع أمه من الصاروخ والخشية على حياة ولدها الأول على 5 بنات.
محمد جودت أبو تيم أصغر ضحايا العدوان الإسرائيلي يقول، إن صوت القصف الذي استهدف البيت المجاور لنا أصاب زوجته بالفزع الشديد وبحالة هستيرية من الصراخ والبكاء، ويضيف «كل هذا ترك عندها بعد لحظات آلاماً شديدة في أسفل بطنها مما اضطرني للذهاب بسرعة إلى أقرب مستشفى في مدينة خان يونس».
ويوضح: «فور وصولنا إلى دائرة الاستقبال والطوارئ وبعد فحص أولي كانت الصدمة كبيرة، إذ أبلغنا الأطباء بأن الجنين قد استشهد وأن زوجتي بحاجة إلى عملية جراحية عاجلة للإجهاض».
صدمة كبيرة
أصوات الانفجارات والصواريخ القريبة من المكان والتي أنهت حياة الجنين كانت صدمة كبيرة لكل العائلة التي تنتظر قدومه بكل شغف ليقتله الاحتلال ويقضي على جميع الأحلام حتى لو كانت في أكثر الأماكن أمناً.
حتى الجنين في غزة يقتل غدراً كونه إرهابياً قادماً من وجهة النظر الإسرائيلية، كونه مقاوماً للاحتلال على الأرجح وكونه مستقبل القضية الفلسطينية. إنه الاحتلال الذي يتعطش لقتل الفلسطينيين، ويتلذذ بقتل الأطفال الآمنين في بيوتهم وفي أرحام أمهاتهم، وفي أي مكان.
«تيم» لم يكن الأول ولا الأخير من ضحايا الاعتداءات الإسرائيلية، حيث إن الاحتلال اقترف خلال العدوان الأخير على غزة مجازر بحق الفلسطينيين، حيث ارتقى 36 شهيداً منهم 8 من عائلة واحدة، وأكثر من 100 مصاب، لكل شهيد وجريح حكاية وقصة.