2021/06/14
موقع أمريكي: دولة اجنبية عظمى تخطط لأجل انخراط أعمق في حرب اليمن

استضافت مدينة 'سوتشي' الروسية، المُطلة على 'البحر الأسود'، محادثات، في 26 مايو الماضي بين وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ونظيره اليمني، أحمد عوض بن مبارك، الذي كان في روسيا في زيارة عمل.

 

وكان الموضوع الرئيسي على جدول المباحثات هو الوضع العسكري والسياسي والإنساني في اليمن، حيث استمرت المواجهة المسلّحة بين الحوثيين وجيش السلطات اليمنية الرسمية برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي لأكثر من ست سنوات.

 

تعتقد روسيا أن استقرار اليمن على المدى الطويل يتطلب وقفاً كاملاً للأعمال العدائية وحلًا تفاوضياً للمشاكل القائمة.  

 

خلال محادثات 'سوتشي'، شددت موسكو على الحاجة إلى إطلاق حوار وطني واسع، يتم بموجبه مراعاة مقاربات ومخاوف جميع القوى السياسية الرائدة في اليمن.

 

ومن الجدير بالذكر أن موضوع حلّ الصراع اليمني طُرح في المحادثات الروسية - اليمنية على قضايا العلاقات الثنائية، وهذا يشير إلى أن موسكو -على الأرجح- تتخذ بعض الخطوات المبدئية من أجل انخراط أعمق في حرب اليمن.

 

على عكس الصراعين السوري والليبي، ظل موضوع التسوية اليمنية دائما في ظلال سياسة روسيا في 'الشرق الأوسط'، في الوقت نفسه، واصلت موسكو الحفاظ على اتصالاتها مع جميع الأطراف المتحاربة في اليمن، وأظهرت استعدادها للمشاركة بشكل أكثر فاعلية في عملية حفظ السلام في البلاد.

 

لكن ما وراء توقيت هذه الدّفعة؟ 

 

ظهرت عوامل جديدة زادت من اهتمام 'الكرملين' بالشؤون اليمنية.

 

وصلت الأزمة السورية إلى طريق مسدود، وعلى الرغم من أن الجانب الروسي قد حلّ معظم المهام المحددة له في سوريا، إلا أنه أصبح من الصّعب بشكل متزايد جني المكاسب الدولية من المشاركة في هذا الصراع. وينطبق هذا أيضاً على ليبيا، حيث -بعد وقف إطلاق النار وتشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة- ضعفت مواقف موسكو إلى حدٍ ما، المشاركون في الصراع الليبي - الخارجي والداخلي - لديهم الآن اهتمام منخفض في جذب روسيا كقوة حليفة. 

 

في ظل هذه الخلفية، تحتاج موسكو إلى الاستمرار في التأكيد على أهميتها في شؤون الشرق الأوسط، وإظهار أنها لم تقُلْ كلمتها الأخيرة بعد، ومستعدة لتقديم خدماتها ليس فقط كوسيط، ولكن أيضا كمشارك في تسوية 'الشرق الأوسط'.

 

طوال الصراع في اليمن، حاولت روسيا البقاء على مسافة متساوية من المشاركين فيها. 

 

كانت موسكو مهتمة بتطوير العلاقات مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، كما نأت بها روسيا بنفسها عن الدعم المفتوح لإيران، التي قدّمت المساعدة للحوثيين.

 

على الرغم من علاقات التحالف بين إيران والاتحاد الروسي على المسار السوري، لم تتم ملاحظة مثل هذا التوافق في المواقف خلال الصراع اليمني.

 

كانت موسكو في مرحلة معيّنة أكثر تعاطفاً مع معارضي التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، لكن وبعد اندلاع الصراع المسلح بين الرئيس اليمني السابق رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام، علي عبد الله صالح، وبين الحوثيين وقتل صالح على أيدي الحوثيين 2017م، بدأت 'مسكو' تنأى بنفسها عن الأخير.   

 

على وجه الخصوص، في ذلك الوقت تم إغلاق السفارة الروسية في صنعاء.(حافظت روسيا على اتصالات مع طرفي الصراع من خلال بعثتها في الرياض، حيث كان يوجد السفير الروسي في اليمن، وفي صنعاء حيث كان يوجد القائم بالأعمال). 

 

بعد اغتيال صالح، قالت روسيا إن الحوثيين "تطرفوا"، ومع ذلك، لا يزال الجانب الروسي يحتفظ بعلاقات مع الحوثيين، ومستعد لاستضافة اجتماعات مع الجماعة في روسيا إذا دعت الحاجة.

 

بدوره، أثار لافروف، في محادثات مع نظيره اليمني، موضوع الكارثة الإنسانية في البلاد، الناجمة عن العُزلة الخارجية لتلك المناطق اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون. 

 

ونوه رئيس الخارجية الروسية بضرورة رفع الحصار البحري والبري والجوي عن الأراضي اليمنية، وكذلك اتخاذ خطوات عملية عاجلة أخرى لتقديم المساعدة للسكان المدنيين، بغض النّظر عمّن يسيطر على مناطق معيّنة من اليمن. 

 

وأكد أن روسيا ستواصل تقديم المساعدة بكل وسيلة مُمكنة، في إيجاد حل شامل للعديد من المشاكل التي يواجهها اليمن اليوم، التي تشعر دول الجوار بعواقبها إلى حدٍ كبير.

 

وناقشا -خلال المحادثات بين لافروف ومبارك- القواعد العسكرية الأجنبية في اليمن، وقد نفى وزير الخارجية اليمني، في مقابلة مع وكالة "ريا نوفوستي"، المعلومات حول وجود أي اتفاقيات مع الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بشأن إنشاء قواعد عسكرية أجنبية دائمة على أراضي البلاد، ولا على وجه الخصوص قاعدة 'القوات الجويّة' الإماراتية.

 

وقال إن "مثل هذه الاتفاقيات يجب أن يوافق عليها البرلمان اليمني، وأن هذه مسائل تتعلق بسيادة البلاد، ونحن نتمسك بمبدأ رئيسي واحد: كل الأراضي اليمنية والمياه والسماء هي قيمها الرئيسية، ولا يمكن لأي طرف رفض ذلك".  

 

وأوضح وزير الخارجية أنه لا يوجد اتفاق تم توقيعه مع أي شخص فيما يتعلق بإنشاء قاعدة عسكرية على الأراضي اليمنية.

 

ووصف التقارير التي تتحدث عن إنشاء قواعد عسكرية 'إسرائيلية' مزعومة تقع في جزيرة سقطرى بأنها "خيالية".

 

ومثل هذه التصريحات كانت مهمّة في المقام الأول، لأن روسيا قد تستمر في إبداء الاهتمام بإنشاء قواعد عسكرية خاصة بها في اليمن. 

 

في وقت سابق، في عام 2016، قبل وفاته، أوضح الرئيس السابق صالح لموسكو أنه مستعد لدعم الوجود العسكري الروسي في البلاد. 

 

بالنظر إلى أن الوضع حول القاعدة الروسية في 'بورتسودان' لم يتم توضيحه بالكامل، ولم يتم الإعلان عن القرار النهائي من الجانب السوداني، فقد تفكّر موسكو في اليمن كموقع بديل لقاعدتها البحرية في البحر الأحمر والمحيط الهندي. 

 

لذلك، يرجّح أن يكون الممثلون اليمنيون أوضحوا أن وجود القوات الإماراتية والمنشآت العسكرية في اليمن ظاهرة مؤقتة، وإذا تم اتخاذ القرار المناسب، فقد تظهر القوات الروسية في هذه القواعد بدلاً من العسكرية الإماراتية.

 

خلال الحقبة السوفيتية، تم النظر في إمكانية إنشاء قاعدة بحريّة في جزيرة سقطرى، حيث أجرت البحرية السوفيتية تدريبات عسكرية بمشاركة مشاة البحرية.  

 

ومع ذلك، لم يتم إنشاء القاعدة أبدا نظرا لوجود قاعدة دائمة مجهّزة بالكامل من الأسطول السوفيتي في أرخبيل "دهلك"، في إثيوبيا (إريتريا الآن)، في مكان قريب.  

 

في عام 2009، أُعلن -مرّة أخرى- أن موسكو تنوي إنشاء قاعدة بحريّة في سقطرى، لكن أحداث 'الربيع العربي' أحبطت هذه الخطط.

 

كما ترغب روسيا في استعادة التعاون العسكري التقني مع اليمن، الذي أوقفته الحرب الأهلية في ذلك البلد. 

 

في عام 2010، أعلنت اليمن عن استعدادها لشراء معدات عسكرية من روسيا بقيمة إجمالية تزيد عن مليار دولار، بما في ذلك ما يصل إلى 30 مقاتلة من طراز "MiG-29 SMT"، وطائرات "هليكوبتر" هجومية من طراز "Mi-35" و "Ka-52"، وطائرات "هليكوبتر" نقل عسكرية من نوع 17-mi، ودبابة "T-72M1" وأنظمة "Kornet-E" المضادة للدبابات، وأنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة "Smerch" وعربات قتال المشاة "BMP-3".

 

وبعد الثورة في البلاد، وتحديدا في 2013-2014، أكدت القيادة اليمنية الجديدة خطط هذه المشتريات. 

 

وآنذاك، توقعت "Rosoboronexport"، الوكالة الوحيدة المملوكة للدولة لتصدير المعدات العسكرية، إكمال الطلب بحلول نهاية عام 2021. ومع ذلك، بسبب حظر الأسلحة الساري منذ عام 2015، تم تجميد هذه العقود.

 

حافظت روسيا على علاقة ثقة مع الحوثيين، بينما تحافظ -في الوقت نفسه- على مستوى عالٍ من الاتصال مع كلٍ من الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا (تحت حكم هادي) ومع المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي زار ممثلوه موسكو أيضا.  

 

يمكنهم استخدام هذه المنصات لتنظيم الاتصالات بين مختلف أطراف النزاع وممثليهم الأفراد.  

 

بالإضافة إلى ذلك، في حلّ الأزمة اليمنية، قد تتطابق مصالح روسيا والولايات المتحدة، ويمكن للدولتين العمل في الاتجاه نفسه لتسوية مبكّرة للأزمة اليمنية، والتغلّب على الكارثة الإنسانية في هذا البلد.

 

تم طباعة هذه الخبر من موقع المشهد الخليجي https://almashhadalkhaleeji.com - رابط الخبر: https://almashhadalkhaleeji.com/news33528.html