2022/04/18
صحيفة أمريكية تكشف كيف حولت ايران الميليشيا غير المنظمة في اليمن إلى قوة تهدد الخليج

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز"، اليوم الاثنين، الدور الذي لعبته إيران على مدى سنوات في تحويل الحوثيين في اليمن من ميليشيا غير منظمة إلى قوة تهدد قوى الخليج.

وقالت الصحيفة في تقرير لمراسلها في بيروت بن هبارد، إن إيران وعلى مدى سنوات رعت مقاتلي الحوثي وتسليحهم بصواريخ متقدمة وطائرات بدون طيار بشكل هدد حلفاء واشنطن ومنافسي طهران، السعودية والإمارات.

وأشارت الصحيفة إلى أن مقاتلي الحوثي عند دخولهم صنعاء في سبتمبر 2014 كانوا مجموعة من المقاتلين القبليين غير المنظمين يتحركون في كل مكان بصنادلهم وأسلحتهم الرخيصة.

واستدركت الصحيفة بالقول: "إلا أن السنوات التي تبعت تلك الحادثة، تعرضت الحركة لعملية تحول مثيرة للدهشة، وهي الآن تحكم دولة شبه قمعية في شمال اليمن، وتملك ترسانة من الأسلحة تشمل صواريخ كروز وباليستية وقوارب انتحارية. وبات الحوثيون يجمعون طائرات بدون طيار تحلق على مدى بعيد، مما سمح لهم بتوسيع مدى معركتهم لتشمل دول الخليج العربية، وزادوا من تهديدهم على الدول القوية فيه: السعودية والإمارات، كلاهما شريكتان للولايات المتحدة وتقودان التحالف العسكري ضد الحوثيين منذ عام 2015.

وبحسب الصحيفة، يرى محللون أمريكيون وشرق أوسطيون أن التحول السريع في قدرات الحوثيين عائد إلى الدعم العسكري الإيراني. فقد قامت طهران الباحثة عن طرق لتهديد السعودية عدوتها في المنطقة، بدمج الحوثيين في شبكة ميليشياتها، وقامت ببناء قدراتهم من أجل تخريب دفاعات جارتها الثرية وبأسلحة رخيصة نسبيا. ويتم بناء هذه الأسلحة في اليمن الذي يعد من أفقر دول العالم العربي.

يقول عبد الغني الأرياني، الباحث البارز في مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية: "ما نراه في اليمن هي تكنولوجيا باتت المعادل الكبير"، مضيفا: "لديك مقاتلة أف-15 تكلف ملايين الدولارات إلا أنها لا تعني شيئا؛ لأن لدي طائرات بدون طيار تكلف عدة آلاف من الدولارات وتقوم بمهمة التدمير".

وترى "نيويورك تايمز" أن صعود الحوثيين  كقوة قادرة على توجيه ضربات بعيدا عن حدود اليمن، ساعد على إعادة الاصطفاف السياسي الذي يجري حاليا في منطقة الشرق الأوسط، والذي دفع عددا من الدول العربية لفتح علاقات دبلوماسية مع إسرائيل عام 2020، كما دفع آخرين إلى بناء تعاون عسكري وأمني سري لمواجهة إيران. 

وأوضحت الصحيفة ان الحرب إلى تعميق علاقات الحوثيين من داعميهم الأقوياء في إيران، مما سمح لهم بتطوير اقتصاد حرب قوي لدعم عملياتهم، بالإضافة لسيطرتهم على مناطق واسعة في الشمال الذي يعيش فيه ثلثا السكان، وهذه مكاسب لن يتخلوا عنها طوعا. وقالت ندوة الدوسري، المحللة في شؤون اليمن بمعهد الشرق الأوسط: “لو توقفت الحرب، فسيجبر الحوثيون على الحكم، وهم لا يريدون فعل هذا؛ لأنهم سيضطرون لتقديم الخدمات والتشارك في السلطة”، وأضافت أن الحوثيين ينتعشون في زمن الحرب لا السلم.

وقالت الصحيفة: "لما أصبحت العاصمة بيدهم، أرسل الحوثيون الفنيين والمهندسين إلى طهران لتلقي تدريبات، كما أرسل الحرس الثوري الإيراني الخبراء، ووصل عناصر من حزب الله اللبناني لإعادة تنظيم الجماعات القتالية وتهيئة الفرق الإعلامية ودربوا لاحقا الفنيين الحوثيين على بناء الأسلحة، وذلك بحسب عناصر من المحور الإيراني في المنطقة ومحللين يتابعون النزاع".

وأفادت الصحيفة أن الحوثيين ركزوا في بداية النزاع على ضرب أهداف سعودية قريبا من الحدود مع اليمن، إلا أنهم طوروا كفاءتهم العسكرية وباتت يصيبون بأسلحتهم المتقدمة والدقيقة أهدافا حساسة في العمق السعودي الإمارات على بعد مئات الأميال. وشملت الأسلحة المتقدمة، صواريخ كروز وباليستية بعضها قادر على التحليق مسافة 700 ميل، حسب تقرير عن الحوثيين أعدته قبل فترة كاثرين زيمرمان، الزميلة في معهد أمريكان إنتربرايز. كما نشروا أيضا قوارب مسيرة (كاميكاز) لاستهداف السفن في بحر العرب، ولديهم طائرات مسيرة محملة بمتفجرات وتستطيع التحليق على مدى 1.300 ميل.

وبينت الصحيفة انه يتم تهريب بعض المعدات مثل محركات الطائرات المسيرة ونظام "جي بي أس" من إيران، إلا أن معظم أسلحة الجماعة تصنع داخل اليمن، ويتم تجميع المسيرات من قطع غيار مهربة أو محلية وبتكنولوجيا إيرانية، أما الصواريخ، فتصنع من الصفر أو يتم تعديلها لمنحها المدى حتى تصل العمق السعودي.

وأكدت الصحيفة أن جهود إيران في اليمن لا تختلف عن جهودها في بناء قدرات ميليشيات في لبنان وغزة والعراق. وتطلق الشبكة على نفسها محور المقاومة، وتضم أيضا نظام بشار الأسد، وتعطي إيران القدرة على تهديد أعدائها بدون أن تتعرض لعمليات انتقامية. وتعود علاقات إيران مع الحوثيين إلى عام 2009، لكنها استخدمت الحرب لكي تدمجهم في شبكتها الإقليمية.

وقالت الصحيفة: "كان الاندماج كاملا لدرجة أن الحوثيين أعلنوا مسؤوليتهم عن هجومين لم يكونا من تنفيذهم، بل اتهمت إيران بهما، الأول هجوم ضد المنشآت النفطية السعودية أوقف مؤقتا نصف إنتاج النفط عام 2019. أما الثاني، فهجوم في فبراير ضد الإمارات، والذي أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عنه، مع أن الهجوم بدأ على ما يبدو من العراق وأعلنت مسؤوليتها عنه جماعة مجهولة".

وأضافت الصحيفة: "وبالإضافة لليد الطويلة ضد الجيران، أقام الحوثيون نظاما قمعيا بهدف سحق أي معارضة وتحويل كل المصادر التي تحت سيطرتهم لدعم جهود الحرب. وسجنت قوات الأمن التابعة لهم الصحافيين والناشطين وأظهر تقرير للأمم المتحدة هذا العام أن قوات الحوثيين استخدمت العنف الجنسي ضد الناشطات السياسيات".

وأوضحت الصحيفة ان الحركة الحوثية تدعم خزيتنها عبر فرض الضرائب على الأعمال التجارية والسكان بشكل عام وتحويل الأموال من النفط والاتصالات، مشيرة إلى أن تقرير صادر عن الأمم المتحدة قال إن الحوثيين حولوا العام الماضي حوالي 1.8 مليار دولار مخصصة للحكومة اليمنية إلى خزينتهم، وجندوا الأطفال للقتال، حيث قُتل أكثر من 2000 طفل في المعارك ما بين يناير ومايو 2021.

تم طباعة هذه الخبر من موقع المشهد الخليجي https://almashhadalkhaleeji.com - رابط الخبر: https://almashhadalkhaleeji.com/news48255.html