"نقل إلى المستشفى بعد تقييمه حالته "اشتباه" بفيروس كورونا وبعد ساعتين تم الاتصال بأولاده بأن والدكم توفي وسندفنه بطريقتنا الخاصة"، بهذه الكلمات اختصر أحمد الصباحي حادثة وفاة والده زوجته، في مركز الحجر الصحي بمستشفى جبلة الواقع في محافظة إب (وسط اليمن ) الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي الانقلابية.
لا تعد حادثة وفاة والد زوجة الصباحي الأولى من نوعها التي تكشف عن "ملامح" جريمة قتل يقوم بها الحوثي بكل شخص يشتبه في إصابته بفيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، وتضاف إلى جريمة إخفاء العدد الحقيقي لضحايا الفيروس في المناطق الخاضعة لسيطرتها خاصة وأنها لم تعلن سوى عن حالتي إصابة بينها حالة وفاة.
وكشفت وكالة انباء رويترز في تقرير نشر بتاريخ 13 مايو الجاري إن 20 مريضا ظهرت عليهم أعراضا مشابهة لفيروس كورونا وتوفوا بمستشفى الكويت الجامعي وسط صنعاء، في حين استقبل مستشفى الشيخ زايد 30 حالة اشتباه ولم يتم إطلاع منظمة الصحة العالمية على نتائج فحوص جميع تلك الحالات.
ونقلت "رويترز" عن مصدر لم تسمه القول إن "السلطات الحوثية لا تطلع الأطباء ومنظمة الصحة العالمية على نتائج الاختبارات عندما تكون النتائج إيجابية".
يقول الصباحي: "الكارثة كبيرة والسكوت أصبح جريمة ومستشفى جبلة في إب أصبح وكراً للقتلة"، حسب تعبيره.
"الألم كبير والحزن مضاعف خصوصاً أن هناك شكوك بأنه يتم تصفية كل مريض مشتبه بهذا المرض، ولم يتم الإعلان عن أي حالة وكل يوم نسمع عن عشرات الوفيات. فماذا يجري؟"، يضيف الصباحي".
وبحسب بيان صادر عن منظمة "أنقذوا الأطفال"، اليوم الجمعة، يملك اليمن 500 جهاز تنفس، وأربعة مختبرات فقط هي التي تستطيع إجراء فحوص اكتشاف الإصابة بفيروس كورونا.
المهندس فؤاد عبده قاسم (38 عاماً) من مديرية شرعب السلام أخذه الحوثيون من داخل إحدى مركبات الأجرة أثناء عودته من رحلة من العاصمة المؤقتة عدن (جنوب اليمن)، واقتادوه إلى مركز الحجر الصحي في مستشفى جبلة بممافظة إب.
يقول والده: "كان آخر اتصال لي معه قبل أن يؤخذ إلى الحجر الصحي أخبرني بأنه بصحة جيدة ويعاني فقط من انفلونزا موسمية".
"أخذوه إلى المركز بحجة أنه مشتبه في إصابته بفيروس كورونا، وبعد مرور يومين أبلغونا بأنه توفي وسوف يقومون بدفنه"، يضيف والده قاسم، متسائلاً بقوله: "ما الذي يحصل تحت مبرر كورونا وبالتحديد في مستشفى جبلة في إب؟".
من جانبه يقول الناشطابراهيم السعيدي: "للأسف الشديد كل من ذهب إلى مستشفى جبلة هذه الأيام يرجعوه مقرطس حتى لو كان فيه حمى من اللوزتين".
وتحدث نشطاء حقوقيون عن قيام ميليشيا الحوثي بـ"تصفية" المرضى الذين تتأكد من إصابتهم بفيروس كورونا وخاصة من تكون حالتهم حرجة.
وأشار النشطاء إلى أن الحوثيين قاموا بتخصيص مقابر في مناطق بعيدة عن السكان لدفن جميع المتوفين بفيروس كورونا دون أي مراسم، ويكتفون بإبلاغ ذوي المتوفي وعدم تمكينهم من رؤيته ودفنه وفق الطقوس المعتادة.
وقال رئيس منظمة حقوقية، شدد على عدم ذكر اسمه، لـ"المشهد الخليجي": "التقيت عدد من أقارب متوفين بفيروس كورونا في صنعاء واخبروني بأنهم تسلموا جثث ذويهم وأجبروا على استلام بلاغ الوفاة بأنها ناجمة عن ذبحة صدرية أو جلطة دماغية ولا يسمح لهم بتغسيل المتوفي أو حتى الاقتراب منه ويتم دفنه بحضور عدد قليل فقط من ذويه".
واتهم وزير الاعلام في الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، معمر الارياني, ميليشيا الحوثي بمواصلة اخفاء الحقائق عن الرأي العام والتستر عن الأرقام الحقيقية للوفيات الناجمة عن فيروس كورونا.
وقال الارياني في حسابه على "تويتر": "المدنيون في العاصمة المختطفة صنعاء ومناطق سيطرة المليشيا الحوثية يتساقطون في الشوارع بعد تفشي فيروس كورونا، فيما تواصل المليشيا الحوثية اخفاء الحقائق عن الرأي العام والتستر عن الارقام الحقيقة للوفيات والإصابات بالوباء والاستهتار في تنفيذ الإجراءات الوقائية وتقديم الرعاية الصحية للمصابين".
وجدد الارياني دعوة المجتمع الدولي والامم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية للتدخل العاجل وتكثيف الضغوط على المليشيا الحوثية لإنتهاج مبدأ الشفافية في التعامل مع جائحة كورونا ونشر البيانات والأرقام الصحيحة بشكل دوري للرأي العام لأخذ احتياطاتهم، وتقديم الدعم والرعاية الصحية للمصابين.
وأكدت منظمة أطباء بلا حدود في وقت سابق، اليوم الجمعة، أنه من المستحيل معرفة المدى الكامل لانتشار فيروس كورونا في اليمن لمحدودية القدرة على تشخيص الفيروس.