مشهدك الحقيقي .. بين يديك
الأحد , 14 - أبريل - 2019

الإمامة من الرسي إلى الحوثي

2020/03/11 الساعة 05:36 مساءً

الإمامة ليست نظام سياسي او نظام حكم من الأنظمة التي شهدها تاريخ العالم، الإمامة بكل مراحلها مزيج غريب من العنصرية والثيوقراطية والفاشية والتخلف والجهل والإبادة الجماعية والقتل وتدمير البنيان الإنساني والاجتماعي والحوثية أسوأ مراحل الإمامة لانها كل ذلك محملة باحدث الأسلحة.

الجمهورية في اليمن لم تكن مجرد اختيار فكري او سياسي بين نظام جمهوري ونظام ملكي، الجمهورية كانت اختيار بين الإمامة بكل بشاعتها وبين حق اليمني في الحياة وفي الحرية وفي الكرامة الانسانية، ومهما كانت مساوئ الأنظمة التي حكمت الجمهورية فلا يمكن ان نقارنها بالإمامة.

من الصعب لعاقل يعرف تاريخ اليمن حقيقة ان يقبل بالإمامة كنظام حكم مهما بلغت جبروت الحوثي، ويكون من الصعب على عاقل ان يقبل أي تبرير للتعايش مع نظام فكرته هي عدم التعايش مع الناس كبشر وأنما التعامل معهم كعبيد. ومن المضحك المبكي ان يتم مقارنة أنظمة معاصرة ولو كانت دكتاتورية بالحوثي.

رحم الله والدي وهو رجل الدين والبعثي الذي عاش عصر الإمامة ومأساته وكان احد المناضلين من اجل الانعتاق منها اذا علمني منذ طفولتي ان الجمهورية كما كان يقول لي هي امك وأبوك وان الإمامة اخرجت اليمنيين من دين الإسلام وأنهم بالجمهورية يستعيدون إنسانيتهم وحريتهم وكرامتهم ودينهم.

من حق أي إنسان او كاتب ان يدعو إلى أي فكرة وعلينا ان نحترم رأيه وما يدعو اليه، وعلينا ان نتعايش مع كل الأفكار بما في ذلك فكرة الإمامة اذا كان أصحابها سيدعون لها سلميا ويقبلون بارادة الناس، ولكن لا يجوز التضليل في طبيعة الإمامة والتي لا تقبل التعايش وتحمل فكرة الخروج والتغلب.

من الكوارث التي شهدتها اليمن انها انفردت بالإمامة عن كل سبل ووسائل الحكم في التاريخ الإسلامي فلا يوجد ما يشبهها في تاريخ المسلمين كله وفي مذاهب المسلمين جميعا المنقرضة والحية، وأنها بقيت بنفس الطبيعة لم تتطور الا وسائل التدمير التي تستخدمها، من عهد الرسي الى عهد الحوثي.

وان لم تحكم الإمامة الف ومئة عام فانها شاغلت اليمنيين هذه المدة ومنعت استقرارهم ودمرت ما استطاعت بنيانهم ومدنهم ومزقت وحدتهم أما عندما كانت تحكم فانها تفعل اكثر من ذلك بكثير ونظام بيت حميد الدين لازال قريب لمن يريد ان يعرف والذي جعل اليمن بلد لايشبهه احد في العالم في التخلف.

حصلت على بداية ثقافتي الناصرية من والدي رحمه الله قال لي لو لم يكن لعبدالناصر من حسنة الا مساندة ثورة سبتمبر وتدخله لدعم الشعب اليمني ضد الإمامة لكان هذا كافيًا لان نضعه في مصاف الاولياء..وذات يوم اعترف لي: تركت البعث لانهم نكاية في عبدالناصر لم يدعموا البعد الحقيقي للجمهورية.

قال المبعوث الاممي رالف بانش وكان وسيطا في اليمن والكونغو وزار اليمن بداية الثورة لعبدالناصر حسنا تدخلت سيدي الرئيس زرت الكونغو وعرفت بشاعة الاستعمار وزرت اليمن وتمنيت ان يكون قد حصل على قدر يسير من الاستعمار، هذا يعني ان الإمامة ابشع حتى من أسوأ استعمار وهذا بعد آخر للإمامة.

الزعيم العربي الكبير المناضل هواري بو مدين عندما زار اليمن ادرك حجم التخلف الذي تعيشه بسبب الإمامة فقال بما معناه لو كنت اعرف ان الوضع في اليمن بهذا السوء لتركت الجزائر وجئت للقتال هنا. الإمامة ليست نظام حكم مختلف عن الجمهورية ليست الملكية ولا حتى نظام عصري دكتاتوري انها الدمار.

لا نلوم ولا نعاتب من هو غير يمني ان لم يفهم كل ابعاد الإمامة وحاول ان يعطي لحركة الحوثي أبعادا عصرية خاصة انها ليست بحاجة حاليا للتغطي بالملكية فهي يمكن ان تبقي على اسم الجمهورية. ولكن من حقنا ان نعتب على أي يمني يضلل بإعطاء الحوثي بعدا عصريا، المعركة معركة في مواجهة التضليل.

ينطلق البعض في موقفه من مقارنات ساذجة للأوضاع الحالية في مناطق الحوثي ومناطق الشرعية ومن الحديث عن وضع الشرعية وعجزها وكل ما سببته الحرب من معاناة وعلينا اولا ان نتذكر ان كل هذا بسبب الحوثي وثانيا ليس علينا الانطلاق من سوء وضع مؤقت لبلد في حالة حرب لنرسخ الإمامة بسوءها الدائم.

ان انتصرت الإمامة الحوثية الجديدة القديمة وتوقفت المقاومة والحرب سيشهد اليمن وشعبها ما هو أسوأ بكثير مما شهدته حتى منذ الانقلاب الحوثي المشؤوم وسيعود الشعب اليمني إلى تخلف بيت حميد الدين والتمزق والحروب المحلية والإبادة الجماعية والموت بالأوبئة. القضاء على الإمامة نصر للحياة.

كل من يدعم حق اليمنين في الانتصار واستعادة الدولة من يد هذه الفكرة الخبيثة والانقلاب الباغي والطغمة العنصرية الفاشية الكهنوتية للحوثي وفي المقدمة التحالف العربي سيسجل التاريخ له هذه النصرة وعليه ان يدرك انه يقوم بدور انساني سيخلده وان الانتصار في هذه المعركة انتصار للإنسانية.

من هو حريص على السلام وانهاء الحرب في اليمن عليه ان يفضح فكرة الإمامة وتاريخها وأفعالها وينتصر عليها في معركة الوعي  لكي تتضافر كل الجهود بما في ذلك جهود السلام لاجبار الحوثي للتخلي عن الإمامة والعنصرية والعمل كمكون سياسي طبيعي عصري وفقا للدستور والمرجعيات والنظام الجمهوري.

 

* مستشار رئيس الجمهورية