مشهدك الحقيقي .. بين يديك
الأحد , 14 - أبريل - 2019

بايدن ليس طوق نجأة لإيران

2020/11/08 الساعة 03:02 صباحاً

في مقدمة الاسئلة التي تتقاطع مع فوز المرشح الديمقراطي ، جوزيف بايدن ، برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية ، يجيئ ذاك السؤال الذي يبحث عن العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين إيران في عهد الرئيس الجديد ، والذي عمل نائبا لثمان سنوات مع الرئيس أوباما ، الرجل الذي فتح بابا ذهبيا للإيرانيين ،وذلك عبر إتفاقية العام 2015 ، رغم أن الاخيرين أتخذوا الإتفاقية مسلكا ومهربا للمضي قدما نحو مشروعهم النووي .
هل سيكون بايدن طوق النجأة بالنسبة للإيرانيين ، للإفلات من عصا الضغط الأقصى التي رفعها عليهم ترامب طوال أربع سنوات ، وبعد أن قام بإلغاء الإتفاقية سيئة السمعة ؟
تكاد الأوهام الإيرانية الخفية تؤمن بأن بايدن سيكون بردا وسلاما على طهران ، ومردهم وراء تلك القناعة مرتبط بتصريح سابق له قال فيه :" إن سياسة ترامب بالضغط الأقصى على طهران قد فشلت ، والولايات المتحدة أستخدمت كل أنواع وأدوات الضغط دون تحقيق أهدافها ، وهذه بالفعل لحظة إيجابية ".
ولعله من الواضح جدا أن إيران التي أعلن مرشدها العام خامنئ إنها غير مهتمة بهوية الرئيس الأمريكي القادم ، وما إذا كان ديمقراطي أو جمهوري ، ترامب أو بايدن ، إنطلاقا من أنه لديها إستراتيجيتها الخاصة والمدروسة بعناية للتعامل مع الولايات المتحدة ، لم تكن صادقة بالمرة ، وهذا ديدنها دائما وأبدا ..لماذا ؟
منذ شهر أغسطس الماضي وأجهزة الإستخبارات الأمريكية ترصد إختراقات سيبرانية إيرانية ، أستهدفت مواطنين أمريكيين ديمقراطيين ، وقد حملت إليهم تهديدات بضرورة التحول إلى دعم ترامب .
بالطبع لم يكن هدف الهاكرز الإيرانيين المدعومين حكوميا إتاحة الفرصة لبايدن ، بقدر الإيقاع بين صفوف الشعب الأمريكي ، وربما تفضيلا للأسوا بين المرشحين على حد قراءتهم ، وهنا يبدو بايدن الخيار الاكثر قبولا للجانب الإيراني .
لم تكن إيران الرسمية بعيدا عن أوهام بايدن كطوق نجأة ، وبالقدر نفسه بدا واضحا أن الشعب الإيراني مهتم إلى ابعد حد ومد بنتيجة الإنتخابات ، والميل إلى بايدن ، الأمر الذي أفرزته متابعات الشباب الإيراني على نحو خاص عبر وسائل التواصل الإجتماعي ، حيث دارت ولا تزال مناقشات حامية في تطبيق " تليغرام " ، و على منصة " تويتر ".
والثابت أن القول الرسمي الإيراني بأن بلادهم غير مهتمة بمجريات الإنتخابات الأمريكية ، قول تفضحه إستطلاعات الرأي الداخلية ، ومنها إستطلاع وكالة الطلبة الإيرانيين ، والتي أفادت بأن ثلاثة أرباع الإيرانيين أي 75% يتابعون أخبار الأنتخابات الرئاسية عن كثب .
لماذا لن تضحى رئاسة بايدن بردا وسلاما على إيران الملالي ؟
يقتضي الجواب بحثا مطولا، لكن وفي إختصار غير مخل ، يمكن القطع بأن سقوط إيران في إختبار 2015 لن يجعل الطريق ممهدا أمام بايدن ، لا سيما وأن التقية الإيرانية تحايلت على الإتفاقية السابقة لإختصار الوقت المطلوب للوصول إلى الهدف الرئيس ، وهو حيازة السلاح النووي ، لتضحى طهران قوة مكافئة لكيان إقليمي أخر في الإقليم ، وهذا هو حلمها الأكبر ، ومنه تمضي في تقسيم النفوذ .
ربما ساعد باراك أوباما في إدراك صفقة العام 2015 التي الغاها بايدن ، وجود رئيس إيراني ، أعتبر ولو مجازا معتدلا ،حسن روحاني ، ومن هنا كانت هناك إمكانية لإتصال هاتفي بين الرجلين ، وفي ظل وساطة دولة خليجية ثالثة هي سلطنة عمان .
هل يمكن لبايدن أن يكرر ذات السيناريو ؟
الأمر غير مرجح بدرجة كبيرة ، لعدة أسباب جوهرية ، وفي مقدمها أن إيرن على عتبة إنتخابات رئاسية ، تشير كافة إستطلاعات الراي إلى أن الرئيس الإيراني القادم سيكون من قلب المعسكر الأشد أصولية في الدائرة الضيقة المحيطة بخامنئ ، وربما يكون عسكريا إستعدادا لإدارة معارك قائمة وقادمة مع الولايات المتحدة الأمريكية ، ومهما يكن من شأن الرئيس الأمريكي ، ما يعني أن مساحة الحركة التي يمكن أن يناور أو يحاور فيها بايدن ستكون ضيقة ، ومليئة بمحطات البازار الإيراني التاريخي وفلسفة المقايضات ، ما يفيد أن بايدن لن يكون ابدا الحل السحري أمام إيران .
على أن القضية الأكثر خطوة والتي ستواجه بايدن موصولة بإستراتيجية الولايات المتحدة للقرن الحادي والعشرين ، تلك التي وضع لبناتها المحافظون الجدد العام 1997 ، ومضمونها الرئيس ، حتمية سيادة الولايات المتحدة برا وبحرا وجوا على أرجاب المسكونة وساكنيها ، والتي تبلوت العام 2010 عبر طرح " الإستدارة نحو آسيا " .
أدركت إيران هذا التوجه ، ومن أجل مجابهة فعالة لواشنطن، دخلت في أحلاف طويلة المدى مع الصين وروسيا ، وفيما يخص بكين سيمتد الأمر لنحو 25 سنة ، وستعطي إيران جزرا في الخليج العربي لبكين لعسكرتها ، أما روسيا فستتولى جانب التسليح غير التقليدي للإيرانيين ، ما يجعل من أي محاولات لبايدن للدخول في العمق مع طهران قضية خاسرة قبل أن تبدا .
يعن للمرء ايضا أن يتساءل :" هل سيقدر لبايدن أن يردع برنامج إيران الصاروخي ، أو أن يفصل في صفقته متي أراد بين البرنامج النووي ، وصورايخ إيران الباليستية ، تلك التي تهدد اليوم أوربا، وعما قليل يمكنها أن تطال أمريكا ، لا سيما بعد أن نجحت في الوصول إلى الفضاء الخارجي، ووضع أقمار إصطناعية في مدارات خارج كوكب الأرض ؟
إيران لديها ملفات خلافية مفتوحة مع واشنطن والعالم تجاوزت القضية النووية ، فهي راعي الإرهاب المعاصر ، وسيدة الفوضى في الإقليم والعالم ، ولا تنفك تهدد الداخل الأمريكي بنوع خاص ، وقد سرت تحذيرات مؤخرا من أن إيرانيين يراقبون جنرالات من وزارة الدفاع الأمريكي بالقرب من مبنى البنتاغون ، في محاولة للثأر لمقتل قاسم سليماني .
بايدن حكما سيكون محموما ، بل مهموما بترتيب البيت الأمريكي الداخل أولا ، وليس إلقاء طوق نجأة لإيران