مشهدك الحقيقي .. بين يديك
الأحد , 14 - أبريل - 2019

الحوثي في رعاية مجلس الخوف!

2021/01/20 الساعة 12:35 مساءً

من المفارقات الساخرة وبينما أتصفح في تويتر طالعني هذان الخبران المتناقضان في ذات الموضوع ففي الوقت الذي أعلنت فيه ‫واشنطن‬ رفضها لدعوات ‫الأمم المتحدة‬بالتراجع عن تصنيف ‫الحوثي منظمة إرهابية‬ يعلن ‫التحالف العربي‬ عن اعتراض وتدمير ثلاث طائرات مفخخة أطلقها ‫الحوثي‬ باتجاه ‫السعودية‬ وكأن الأمم المتحدة بمطالبتها لواشنطن التراجع عن تصنيف الحوثي منظمة إرهابية تُمعن بالمزيد في اعطاء إيران الضوء الأخضر لهذه المنظمة الإرهابية وأداتها في اليمن ليس بالمزيد من الهجمات الموجهة للسعودية فحسب بل والعبث بأمن المنطقة برمّتها وبذلك يصدق في وصف مجلس الأمن نعته بمجلس الخوف لا الأمن الذي أُسّس أصلاً كهدف عالمي من وجوده! 

كان لفشل مجلس الأمن الدولي في إقرار تمديد حظر التسلح المفروض على إيران المؤسف جداً والصادم لشعوب المنطقة التي عانت من ويلات الإرهاب الإيراني أو تهديده المستمر لأمنها واستقرارها تحت أنظار المجتمع الدولي ومسؤولية هذا النظام عن جميع الهجمات والعمليات الإرهابية وتمويل الجماعات الإرهابية التي تحارب عن إيران بالوكالة في جميع دول المنطقة التي صارت محتلة بشكل أو بآخر من قبل إيران أو تحكمها في مفاصل حكومتها من جراء سياسات نظام طهران العدائية من إنشاء وإدارة الميليشيات الطائفية والإرهابية لتقويض الأمن والسلم الأهلي في البلدان العربية وتصدير الإرهاب والفوضى لتهديد المصالح الدولية يُعيد للذاكرة ما أسفر عنه تقرير الأمم المتحدة والذي يثبت ضلوع وعلاقة إيران بالهجمات الإرهابية على معامل النفط السعودية في شهر سبتمبر من العام الماضي 2019م حيث أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مجلس الأمن الدولي في تقرير أن صواريخ كروز التي هوجمت بها منشآت نفطية ومطار دولي في السعودية العام الماضي أصلها إيراني، فيما رفضت بالطبع إيران التقرير.

ما بين تقرير الأمم المتحدة هذا وبين تقريرها الذي تلقاه العالم المنصف ببالغ الصدمة ثلاثة أعوام حينما استقبل المنصفون والعارفون تقرير الأمم المتحدة المؤسف للغاية في أكتوبر 2017 في ذات الوقت رفضت السعودية المعلومات والأرقام الواردة في تقرير الأمم المتحدة والذي اتهم التحالف العسكري الذي تقوده السعودية بقتل وإصابة 683 طفلاً في اليمن، ووصفته بأنه "غير دقيق ومضلل".

لكن من يعرف أن مثل ذلك التقرير المُضلّل الذي اعتمد في مصادر معلوماته على منظمات مصنفة إرهابياً  فلا عجب أن يصدر عن الأمم المتحدة وأمينها تلك المعلومات المزيفة وأكبر دلالة على ذلك هو كيف تلقّت الحسابات التويترية التابعة لتنظيم الإخوان وجماعة الحوثي ورحبّت بهذا التقرير أيّما ترحيب! 

ما يجعلني على الأقل -شخصياً- لا أحتفي بتقرير الأمم المتحدة والذي يثبت ضلوع إيران في الهجمات الإرهابية على معامل النفط السعودية أنه من المفارقات الساخرة في أمين الأمم المتحدة والتي ضرب فيها مصداقية كيان دولي كالأمم المتحدة حينما حمّل التحالف العربي الذي تقوده المملكة مسؤولية مقتل وتشويه 683 طفلاً يمنياً وأدرج السعودية ضمن دول أخرى وجماعات متهمة بالعنف ضد الأطفال مثل سورية والسودان وداعش وبوكوحرام وأخذ معلوماته المضللة من طرف واحد معروف بإرهابيته وتجاهل الحكومة الشرعية ذات السند الدولي والعربي في المقابل ‏ تجاهلت الأمم المتحدة تقرير اللجنة الوطنية التي ذكرت أن الحوثيين قد جندوا 20 ألف طفل في الحرب فضلاً عن استخدام أولئك الأطفال كدروع بشرية في حينٍ غيّب التقرير المشبوه كل المساعدات الإنسانية المقدمة من السعودية والإمارات وكذلك تجاهل سطو الميليشيات على المساعدات وبيعها على المواطنين!

وعلى سبيل الذكر كذلك لا الحصر؛ ‏تجاهل التقرير مجزرتي التواهي ودار سعد في عدن، كما تجاهل ما تم توثيقه حول زراعة 12 ألف لغم في محافظة لحج وحدها عام 2015م، وغيّب التقرير كذلك هجوم الحوثيين على المبعوث الأممي ولد الشيخ بالسلاح الحي أثناء زيارته إلى صنعاء، ثم لماذا لم يُعرض التقرير على لجنة الخبراء المعتمدة من مجلس حقوق الإنسان؟!

كل ذلك يجعل الاستنتاج بأن عملية تسييس التقارير الأممية وانحياز الأمم المتحدة للإرهابيين ‏وإغفال تقرير الأمم المتحدة عن جرائم الحوثي التي طالت حتى المساجد والمدارس والمستشفيات هو أمرٌ لا يثير الريبة من الكيل بمكيالين يوصلنا لنتيجة مفادها بأن محاولة الابتزاز السياسي المكشوفة لم تُعرِّ سوى المجتمع الدولي ومجلس الخوف الذي بات بتصرفاته ومواقفه المريبة مجلساً يُكرس للإرهاب وتقويض الأمن لا السعي لتحقيقه وكأنما يكشف عن عظيم سوءته التي تجعلنا نتساءل؛ مَن خلف مجلس الخوف هذا؟!

 

* كاتبة سياسية سعودية؛ باحثة مختصة ومستشار في الأمن الفكري، عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود