منذ البداية علينا أن نؤكد أنه «ليس هناك غموض يكتنف المشهد اليمني بعد الدعوة الخليجية لجميع المكونات السياسية من دون استثناء بمن فيهم الحوثيين، للحضور إلى مقر الأمانة العامة في الرياض وعقد مشاورات وطنية بينية، وليست الدعوة كما يحلو للبعض تصنيفها بأنها مناورة سياسية إقليمية خليجية»، هذا أولًا. ثانيًا من التصورات المغلوطة التي يحاول البعض تسويقها سياسيًا وإعلاميًا، أن الهدف الأساسي من الدعوة الخليجية يتمثل في إعادة ترتيب البيت الداخلي للحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، أسوة بمؤتمر الرياض الذي عُقد في العام 2015م، لكن هذا الأمر غير صحيح، فالدعوة لا تطرح أي حلول أو مخرجات محددة، وإنما تدعو الأطراف اليمنية للتشاور والخروج بمبادرات أو حلول للأزمة عبر التوافق المشترك.
ومنذ الإعلان الرسمي عن الدعوة الخليجية، تابعت بدقة كصحافي ومحب للشعب اليمني الشقيق، تجليات الآراء والمواقف الصادرة عن النخب اليمنية، لذلك تكمن أهمية الدعوة الخليجية، في مدى قدرة المكونات السياسية والأحزاب والشخصيات المستقلة، على إعادة هندسة المصالح اليمنية العُليا بطريقة متوازنة محليًا وإقليميًا ودوليًا، وتُسهم في الوقت نفسه على صناعة رؤية عملية وخارطة طريق واضحة المعالم، ووحل الأزمة التي أرهقت الشعب اليمني منذ ثماني سنوات. وضمن إطار التوعية السياسية، علينا أن نوضح بعض المسائل المهمة، منها: أن دعوة الأمانة العامة لمجلس التعاون لعقد المشاورات برعايتها، يأتي امتدادًا لجهود دول المجلس على إيجاد حل سياسي للأزمة، ودعم الشعب اليمني تنمويًا وإغاثيًا وإنسانيًا. وللمعلومية فإن انعقاد المشاورات اليمنية في السعودية يأتي إنفاذًا لمقررات البيان الختامي للدورة 42 للمجلس والتي تتولى المملكة رئاستها الحالية، وهي تهدف إلى توحيد كلمة اليمنيين عبر الحوار بين جميع القوى والمكونات للوصول إلى حل سياسي شامل.
ومن الحقائق السياسية أن مجلس التعاون بذل جهودًا حثيثة ومستمرة لحل الأزمة اليمنية، ومن أبرز تلك الجهود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي كانت حين إطلاقها في 2011 عاملًا أساسيًا في حقن دماء اليمنيين، ومنع انزلاق اليمن نحو الفتنة والفوضى وتحقيق انتقال سلس وسلمي للسلطة. ولم تتوان الدول الخليجية عن دعم جميع المبادرات الإقليمية والدولية الداعية إلى إيجاد حل سياسي للازمة اليمنية، ومنها: مؤتمر جنيف (2015) ومؤتمر الكويت (2016)، واتفاق استوكهولم (2018)، واتفاق الرياض (2019)، والمبادرة السعودية لإنهاء الأزمة اليمنية (2021)، فضلًا عن الجهود العمانية الإيجابية في هذا الإطار.
خلاصة القول؛ على المكونات السياسية اليمنية من دون استثناء استثمار فرصة الدعوة الخليجية، لتقديم المبادرات الوطنية في علاج عمق جذور الأزمة اليمنية، من خلال فكفكة أهم المسائل المطروحة وإنهاء هذه المعاناة وتداعياتها بحل سياسي شامل ينعكس بمشيئة الله على تطور اليمن وشعبه، وهو نسيج لا يتجزأ عن نسيج المجتمعات الخليجية..
اللهم احفظ اليمن السعيد.. دمتم بخير.
عن "الرياض" السعودية