مشهدك الحقيقي .. بين يديك
الأحد , 14 - أبريل - 2019
الرئيسية - المشهد اليمني - اليمن يصارع من أجل البقاء بين الثورة ضد الإمامة والانقلاب عليها وبين التدخلات العسكرية الأجنبية

اليمن يصارع من أجل البقاء بين الثورة ضد الإمامة والانقلاب عليها وبين التدخلات العسكرية الأجنبية

مليشيا الحوثي تقتل فتاه في تعز
الساعة 06:31 صباحاً (المشهد الخليجي - خالد الحمادي)

احتفل أغلب اليمنيين أمس السبت بالذكرى 58 لثورة أيلول (سبتمبر) 1962 التي أطاحت بنظام الإمامة، الذي كان قائما على أساس طائفي، يحتكر الحكم باسم (الحق الإلهي في السلطة) فيما احتفل الحوثيون ومناصروهم بالذكرى السادسة للانقلاب الحوثي على السلطة الشرعية في اليمن، المتمثلة باجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء في 21 أيلول (سبتمبر) 2014 والتي تسعى لفرض إعادة النظام الإمامي من جديد.

وشهدت كافة المدن الواقعة تحت سلطة الحكومة الشرعية، وفي مقدمتها مدينتي تعز ومأرب، أمس وأمس الأول السبت والجمعة، احتفالات جماهيرية كرنفالية وخطابية وإيقاد الشعلة بمناسبة الذكرى 58 للثورة اليمنية الأم (26 أيلول/سبتمبر 1962) في محاولة منهم لاظهار مدى الحماس والتمسك بمبادئ تلك الثورة التي تناهض كل الغايات والأهداف التي تسعى جماعة الحوثي تحقيقها من خلال انقلابهم على الحكومة الشرعية في البلاد، وفي مقدمتها إعادة نظام الإمامة إلى سدة الحكم في اليمن.

وواكب تلك الاحتفالات حملات إعلامية واسعة في مختلف وسائل الإعلام وفي وسائل التواصل الاجتماعي، بشكل رسمي أو بجهود شخصية، تأييدا لمبادئ ثورة أيلول (سبتمبر) والمضي قُدُما في مسارها وعلى نهجها رغم كل المعوقات والعقبات التي تعيق أو تحول دون ذلك.

وفي المقابل احتفل الحوثيون الأسبوع الماضي وأتباعهم في العاصمة صنعاء والعديد من المدن التي يسيطرون عليها وبالذات ذات الغالبية الزيدية، بالذكرى السادسة لاجتياحهم للعاصمة صنعاء في 21 ايلول (سبتمبر) 2014، التي يعدّها أغلب اليمنيين (نكبة) عليهم، فيما يعدّها الحوثيون (ثورة) ضد النظام الجمهوري الذي أطاح بنظام الإمامة مطلع الستينيات من القرن الماضي، ونظموا حملات إعلامية غير مسبوقة، شملت كل الوسائل الممكنة بما في ذلك توزيع صور الإمام أحمد، الذي تمت الإطاحة به في ثورة الستينيات.

 ويحاول الانقلاب الحوثي فرض نظام الإمامة من جديد على البلاد وبقوة السلاح، وبمساعدة إقليمية لتسهيل هذه المهمة التي ربما أصبحت تروق لدول التحالف العربي الملكية، التي كانت الداعمة الرئيس للملكية الإمامية في اليمن ولأتباعها حتى عهد قريب، حيث تفضل ان يحكم اليمن نظام ملكي أسوة بالدول المجاورة له.

واستغل الحوثيون سيطرتهم على العاصمة صنعاء، وعلى مقار الوزارات والمؤسسات الحكومية هناك، فقاموا بتغيير كافة المعالم التي ترمز إلى الجمهورية وإلى الثورة التي أطاحت بنظام الإمامة، وعملوا على تجريف كافة الاشارات والرموز التي تتبنى النظام الجمهوري في البلاد، بما في ذلك الشروع في تغيير المناهج التعليمية، الدينية منها والاجتماعية والتاريخية والوطنية، والتي أشعرت الناس بالخطر المحدق الذي يهدد مستقبل الأجيال المقبلة فكريا وعقائديا وتاريخيا ووطنيا.

وأبرزت الاحتفاليات بذكرى الثورة اليمنية وكذا بذكرى الثورة الحوثية المضادة لها ان الصراع الحالي في اليمن لم يعد صراعا عسكريا فحسب بين الجمهوريين والملكيين، أو بين الحكومة الشرعية وبين الانقلاب الحوثي، بقدر ما أصبح (صراعا وجوديا) من أجل البقاء لكلا الجانبين، والتي لعبت التدخلات العسكرية الإقليمية دورا في استمرار هذا الصراع منذ نهاية العام 2014 إما بدعم إيران للأقلية الحوثية ذو التوجه المذهبي الزيدي الشيعي، وإما بدعم تحالف السعودية للحكومة الشرعية ذو الأغلبية الشافعية السنية، وكلاهما تدعمان الأطراف المحلية المتصارعة من أجل تحقيق مصالحهما الذاتية، مستخدمة الأدوات المحلية والساحة اليمنية مسرحا لإدارة (الحرب بالوكالة) بينهما، على أساس أن إيران تمثل القطب الشيعي والسعودية تمثل القطب السني.

وبين هذا الصراع الظاهر والمستتر بين الملكية والجمهورية يعيش اليمن على حافة الهاوية، سياسيا واقتصاديا وأمنيا وعسكريا، ويدفع اليمنيون ثمن هذا الصراع المحلي والإقليمي، من دماء أبنائه ومن قوت أطفاله، ومن حاضره ومستقبله لدى مختلف الأطراف اليمنية.

وكان الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي قال في خطابه عشية ذكرى ثورة أيلول (سبتمبر) 1962 ان الجمهورية قدر ومصير، وخيار الشعب وايمانه بالعدالة والمساواة، ولن تكون ميداناً للمساومة والانتقاص من مهابتها وغاياتها أو التقليل من عظمة أهدافها، فالحرية مبدأ والعدالة قضية والحرية هي الحياة ومن أجل تلك القيم قامت الثورة واختط المناضلون طريق العبور نحو المجد.

وأضاف “إننا في هذه الذكرى العظيمة نجدد العهد بالعمل في سبيل استعادة الدولة وانهاء الانقلاب (الحوثي) بكافة أشكاله، وتلك مسؤوليتنا أمام شعبنا وأمام الله والتاريخ، وسنتجاوز معكم وبكم كل العراقيل والتحديات والمخاطر”.

وأضاف “صار يقينناً كاملاً أنه لا مجال أمام شعبنا إلا استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب وأن شعبنا العظيم قد أثبت أنه لا يمكن ترويضه للعيش تحت مسميات السلالة والتمييز والاستعلاء والانتقائية. إن خيار الدولة التي تظل الجميع وتحفظ مصالح الجميع وتؤمن كافة المواطنين بات خياراً لا يمكن للشعب أن يتراجع عنه وقد خبر معنى غياب الدولة وفقدان الأمن والتعامل مع فوضى الملشنة والعصابات”.