مشهدك الحقيقي .. بين يديك
الأحد , 14 - أبريل - 2019
الرئيسية - المشهد الديني - تعرف إلى ثواب الأضحية وأحكامها

تعرف إلى ثواب الأضحية وأحكامها

الساعة 11:26 مساءً (المشهد الخليجي )

يتزايد اهتمام الكثيرين مع اقتراب عيد الأضحى المبارك‮ ‬ بالبحث عن فضل الأضحية وأحكامها الشرعية،‮ إذ تعد من ‬أعظم القربات إلى الله في‮ ‬هذه الأيام المباركة،‮ فضلاً‮ ‬عن أنها فرصة للتوسعة على الفقراء ووسيلة لزيادة المودة وتعميق مشاعر الرحمة بين الأسر‮.‬

ويتحرى المضحين من كل مكان الدقة في تطبيق الأحكام الشرعية الخاصة بالأضحية، ومواصفاتها ووقت ذبحها وكيفية توزيعها حتى تتحقق المقاصد الشرعية منها، وحتى‮ ‬ينال المسلم الأجر والثواب الذي‮ ‬بشرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها‮.‬

وحث الفقيه الأزهري‮ ‬الدكتور نصر فريد واصل عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر ومفتي‮ ‬مصر الأسبق‮ المسلمين في‮ ‬كل مكان، بالحرص على الأضحية،‮ ‬فهي‮ ‬من أفضل الأعمال التي‮ ‬ينبغي‮ ‬أن‮ ‬يتقرب بها المسلم إلى خالقه في‮ ‬هذه الأيام، ‬إذ ورد الأمر الإلهي‮ ‬بها في‮ ‬قول تعالى‮: «‬إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر‮».. ‬والمعنى الذي‮ ‬تحمله الآيات الكريمة‮: ‬إنا أعطيناك ‮ ‬يا محمد النهر العظيم المسمى بالكوثر،‮ ‬فداوم على الصلاة،‮ ‬وعلى نحر الإبل تقرباً إلى الله،‮ ‬وتصدق بلحومها على الفقراء.‬

إحياء سنة إبراهيم

ويضيف د‮. ‬واصل‮: رغبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في‮ ‬الأضحية من خلال أحاديث نبوية عدة،‮ ‬حيث أخبرنا بأنها‮ (‬أي‮ ‬الأضحية‮) ‬تأتي‮ ‬بقرونها وأشعارها وأظلافها تشفع لصاحبها‮ ‬يوم القيامة‮.. ‬وكان عليه الصلاة والسلام القدوة والمثل في‮ ‬الفداء والتضحية،‮ ‬وثبت أنه ضحى بكبشين،‮ ‬أي‮ ‬بخروفين،‮ ‬أملحين‮ (‬أي‮ ‬يخالط بياضهما سواد‮) ‬أقرنين،‮ (‬أي‮ ‬لهما قرون‮).‬

لذلك كانت الأضحية في‮ ‬شريعتنا الإسلامية‮ «سنة مؤكدة‮، ‬يحرص عليها المسلم طمعاً‮ ‬في‮ ثوابها،‮ ‬ويكره تركها إذا كان قادراً عليها،‮ ‬والقدرة هنا تتوافر بوجود المال الذي‮ ‬يفي‮ ‬بحاجة الأضحية من دون حرج أو استدانة‮.‬

وعن المقاصد الشرعية لتقديم الأضحية‮ ‬يقول‮ واصل: ‬شرعت الأضحية لمقاصد كثيرة منها‮: ‬شكر الله سبحانه وتعالى على نعمه،‮ ‬فالله أنعم على الإنسان بنعم لا تعد ولا تحصى، كنعمة البقاء من عام لعام آخر‮. ‬ونعمة الإيمان ونعمة السمع والبصر والمال؛ فهذه النعم وغيرها تستوجب الشكر للمنعم سبحانه وتعالى،‮ ‬والأضحية من صور الشكر لله،‮ ‬إذ يتقرب العبد بها إلى ربه بإراقة دم الأضحية، امتثالاً لأمره، حيث قال جلَّ‮ ‬جلاله‮: «‬إنا أعطيناك الكوثر فصلي‮ ‬لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر‮».. ‬كما أن في‮ ‬الحرص على الأضحية إحياء سنة سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، حين أمره الله بذبح الفداء عن ولده إسماعيل عليه السلام في‮ ‬«يوم النحر»،‮ ‬وأن‮ ‬يتذكر المؤمن أن صبر إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وإيثارهما طاعة الله ومحبته على محبة النفس والولد كان ذلك كله هو سبب الفداء ورفع البلاء‮.‬

أيام تراحم وسخاء

ومن المقاصد الشرعية للأضحية، التوسعة على النفس وأهل البيت وإكرام الجيران والأقارب والأصدقاء والتصدق على الفقراء،‮ ‬وهنا‮ ‬يؤكد د‮. ‬واصل‮ ‬ضرورة أن‮ ‬يكون المسلم سخياً في‮ ‬هذه الأيام،‮ ‬وأن‮ ‬يحرص على إهراق الدم في‮ ‬عيد الأضحى، ما دام قادرا‮ً، ولذلك هو‮ ‬يقدر مشاعر البسطاء الذين‮ ‬يحرصون على إحياء هذه السنة، ويربون الأضاحي‮ ‬في‮ ‬بيوتهم، أو‮ ‬يدخرون ثمنها على مدى شهور قبل العيد، حيث‮ ‬يرى في‮ ‬هذا السلوك تجسيداً‮ ‬لحرص المسلم على أداء الشعيرة، والتأسي‮ ‬بما فعله النبي الكريم، بشرط أن‮ ‬يلتزم في‮ ‬توزيعها بما حث عليه الإسلام، وأن‮ ‬يطعم منها الفقراء والمحتاجين، ولا‮ ‬يستأثر بها لنفسه، ولأهل بيته كما‮ ‬يفعل كثير من البسطاء، ومحدودي‮ ‬الدخل‮.‬

وأوضح مفتي‮ ‬مصر الأسبق‮ الأصناف التي‮ ‬تجوز التضحية، قائلاً: ‬الأضحية تجوز من الإبل أو البقر أو الغنم من الذكور أو الإناث،‮ ‬ويجب أن تكون سن الإبل خمس سنوات،‮ ‬والبقر سنتين،‮ ‬والغنم سنة ويدخل في‮ ‬الغنم الماعز،‮ ‬وأجاز بعض الفقهاء أن‮ ‬تكون سن الغنم ستة أشهر‮. ‬أما الماعز فلا تقل عن سنة،‮ ‬وتكفي‮ ‬الناقة أو الجمل عن سبعة أشخاص وكذلك البقرة‮.. ‬أما الشاة فتكفي‮ ‬عن شخص واحد‮.‬

متى نذبح؟

والوقت الشرعي‮ ‬للذبح كما‮ ‬يوضح د‮. ‬واصل بعد صلاة عيد الأضحى،‮ ‬فالحق سبحانه وتعالى هو الذي‮ ‬حدد لنا هذا الوقت بقوله‮ «‬فصل لربك وانحر‮».. ‬لكن إذا لم‮ ‬يتمكن المضحي‮ ‬من ذبح أضحيته يوم العيد،‮ ‬جاز له أن‮ ‬يذبحها في‮ ‬الأيام الثلاثة التي‮ ‬تليه.

ولا‮ ‬يجوز ذبح الأضحية قبل صلاة العيد،‮ ‬ومن فعل ذلك فهي‮ ‬صدقة وليست أضحية،‮ انطلاقاً من الحديث الصحيح‮: «‬من ذبح قبل الصلاة فإنما‮ ‬يذبح لنفسه،‮ ‬ومن ذبح بعد الصلاة والخطبتين فقد أتم نسكه أي‮ ‬عبادته، وأصاب المسلمين».‬

وينصح عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر بعض المسلمين الذين‮ ‬يتعجلون الذبح‮ ‬«يوم عرفة» أو وقت الليل قبل أداء صلاة العيد بالتمهل حتى‮ ‬يحظوا بأجر وثواب الأضحية‮.. ‬لكنه‮ ‬يؤكد أن من أراد أن‮ ‬يذبح‮ ‬«يوم عرفة» ليتصدق باللحم على الفقراء والمحتاجين والتوسعة عليهم في‮ ‬هذا اليوم المبارك له أجره وثوابه‮.‬ ومن السنة أن‮ ‬يذبح المسلم أضحيته بنفسه إن كان‮ ‬يحسن الذبح،‮ ‬فقد فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم‮.. ‬لكن من لا تسمح ظروفه بذلك، أو كانت مشاعره لا تتحمل أن‮ ‬يذبح بنفسه‮ ‬يجوز له توكيل من‮ ‬يذبح نيابة عنه، ويفضل أن‮ ‬يكون من أهل بيته،‮ ‬فإن حالت الظروف دون ذلك، فعليه أن‮ ‬يوكل من‮ ‬يقوم بهذه الشعيرة.. ‬فدين الله‮ ‬يسر لا عسر،‮ ‬ولا‮ ‬يكلف الله نفساً إلا وسعها‮.‬

صكوك مشروعة

وعلق العالم الأزهري‮ ‬د‮. ‬محمد رأفت عثمان، أستاذ الشريعة الإسلامية، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر على «صكوك الأضحية» التي‮ ‬انتشرت بلاد عدة وتقوم بها بنوك وجمعيات خيرية لتقديم الأضحية نيابة عن القادرين الذين لا تسمح ظروفهم بالقيام بها بأنفسهم فيقول‮: ‬من الأفضل أن‮ ‬يذبح المسلم بنفسه ليوسع على أسرته، ويهدي‮ ‬بعض لحوم الأضحية للأهل والأقارب‮.. ‬لكن لو حالت الظروف دون أن‮ ‬يذبح، ولجأ إلى هذه الصكوك فلا حرج فهي‮ ‬صكوك مشروعة،‮ ‬وسيكتب الله له كامل الثواب، ما دام‮ ‬يتعامل مع جهة موثوق بها، ويضمن أنها ستؤدي‮ ‬الشعيرة نيابة عنه‮.‬

رفق ورحمة

ويؤكد د‮. ‬عثمان ضرورة أن‮ ‬يتعامل المسلم برحمة مع الأضحية،‮ ‬لأن التعامل مع الحيوان بقسوة أمر ترفضه الشريعة، وتدين سلوك كل ‬يفعل ذلك، ولذلك جاءت توجيهات الفقهاء بضرورة توافر شروط معينة عند الذبح،‮ ‬فلا بد أن‮ ‬يكون الذبح بآلة حادة حتى لا‮ ‬يتألم الحيوان،‮ ‬وأن‮ ‬يسرع الذابح عند الذبح،‮ ‬وأن‮ ‬يحد شفرة الذبح بعيداً‮ ‬عن الحيوان،‮ ‬حيث‮ ‬يروى عن ابن عباس رضي‮ ‬الله عنه أن رجلاً أضجع شاة‮ ‬يريد أن‮ ‬يذبحها، وهو‮ ‬يحد شفرته،‮ ‬فقال له النبي‮ ‬صلى الله عليه وسلم‮: «‬أتريد أن تميتها موتتين؟ هلا حددت شفرتك قبل أن تذبحها؟»

ومن مظاهر الرفق بالذبيحة قبل ذبحها، ما أورده الفقهاء في‮ ‬كتب الفقه من ضرورة سوق الذبيحة برفق،‮ ‬وعرض الماء عليها قبل ذبحها،‮ ‬وعدم المبالغة في‮ ‬القطع حتى‮ ‬يبلغ‮ ‬الذابح النخاع،‮ ‬أو‮ ‬يفصل رأس الذبيحة حال ذبحها،‮ ‬وكذلك بعد الذبح،‮ ‬وقبل أن تبرد،‮ ‬وكذلك سلخها قبل أن تبرد،‮ ‬لما في‮ ‬ذلك من إيلام لا حاجة إليه‮.‬ هذا وغيره مما قال به الفقهاء في‮ ‬مسألة الذبح‮ ‬يؤكد رفق الإسلام بالحيوان.

كيف توزع الأضحية؟

وعن كيفية توزيع لحوم الأضاحي‮ ‬يقول أستاذ الشريعة الإسلامية: ‬من المستحب أن‮ ‬يأكل المضحي‮ ‬وآل بيته من الأضحية ويطعم‮ ‬غيره، ويدخر للأيام القليلة المقبلة‮.. ‬فالله سبحانه وتعالى‮ ‬يقول‮: «‬فكلوا منها، وأطعموا البائس والفقير»‬،‮ ‬والرسول صلى الله عليه وسلم‮ ‬يقول في‮ التعامل مع لحم الأضحية‮: «‬كلوا وتزودوا وادخروا‮».‬

لذلك قال العلماء، إن أفضل أسلوب للتعامل مع الأضحية عند توزيعها هو تقسيمها أثلاثاً،‮ ‬ويعطي‮ ‬منها الغني‮ ‬والفقير،‮ ‬فقد روى ابن عباس أنه قال في‮ ‬أضحية النبي‮: «‬ويطعم أهل بيته الثلث،‮ ‬ويطعم فقراء جيرانه الثلث،‮ ‬ويتصدق على السؤال بالثلث‮».. ‬وقال فقهاء‮، ‬يعطي لأصدقائه وجيرانه ثلث الأضحية حتى لو كانوا قادرين‮.‬

ومن هنا‮، ‬يتضح لنا أن الأضحية لا تهدف إلى التوسعة على الفقراء والمحتاجين فحسب‮.. ‬فهي‮ ‬إلى جانب ذلك تحقق التواصل وتعميق صلات المودة والتعاون وتغرس فضيلة التهادي‮ ‬بين المسلمين‮.‬

ويرفض العلماء سلوك بعض المضحين، ممن يستأثرون بلحوم الأضاحي‮ ‬لأنفسهم، ولا‮ ‬يتقربون إلى الله بالتصدق ببعضها على الفقراء في‮ ‬هذه الأيام، ‬لأنهم يحرمون أنفسهم من ثواب الأضحية،‮ ‬ويستسلمون للبخل والشح والأنانية‮.‬

أسئلة ملحة

س: ‬ما الحكم إذا كان رب الأسرة‮ ‬يعمل في‮ ‬دولة عربية، وباقي‮ ‬أفراد الأسرة في‮ ‬بلده‮..هل‮ ‬يذبح هو أم تذبح أسرته؟

‮- وأجابت عن السؤال دار الإفتاء المصرية‮: ‬إذا سافر رب الأسرة للعمل في‮ ‬بلد ما؛ فله أن‮ ‬يذبح في‮ ‬بلد عمله، وله أن‮ ‬ينيب من‮ ‬يذبح عنه الأضحية في‮ ‬بلد أسرته،‮ ‬وهو هنا صاحب الخيار وفقاً لظروفه وظروف أسرته‮.‬

س: ‬وما الحكم لو كان أحد أفراد الأسرة‮ ‬يؤدي‮ ‬فريضة الحج؟ هل‮ ‬يكفي‮ ‬الهدي‮ ‬الذي‮ ‬يذبح ويغني‮ ‬عن الأضحية؟

‮- ‬تقول دار الإفتاء المصرية‮: ‬الذبح في‮ ‬أثناء الحج لا علاقة له بالأضحية المطلوبة من الأسرة،‮ ‬وسبب مشروعية كل منها مختلف،‮ ‬فالذي‮ ‬يذبح في‮ ‬الحج، هو إما هدي‮ ‬تمتع، وهو لشكر الله تعالى على الجمع بين نسكي‮ ‬العمرة والحج والتحلل بينهما،‮ ‬وهو واجب،‮ ‬وإما هدي‮ ‬قران وهو للجمع بين الحج والعمرة في‮ ‬سفرة واحدة وهو واجب أيضاً‮.. ‬وقد‮ ‬يكون الذبح في‮ ‬الحج لترك واجب من واجبات الحج،‮ ‬أو كفارة عن فعل محظور من ممنوعات الحج،‮ ‬وكلاهما واجب‮.. ‬وكل هذا مختلف عن الأضحية التي‮ ‬شرعت للتوسعة على الفقراء والمحتاجين ولشكره تعالى على دوام الحياة إلى هذه الأيام الفاضلة،‮ ‬كما شكر النبي‮ إبراهيم ربه بذبح الكبش العظيم لبقاء حياة ابنه إسماعيل، عليه السلام،‮ ‬ولشكر الله تعالى على شهود هذه الأيام المباركة وعلى التوفيق فيها للعمل الصالح،‮ ‬لأنها خير أيام العام التي‮ ‬أقسم الله عز وجل بها‮ «‬والفجر وليال عشر‮»‬،‮ ‬وقال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم‮ «‬ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام».‬