ذكرت مجلة "فورين بوليسي" أن المحادثات السعودية الإيرانية تعثرت بسبب إصرار طهران على تعزيز مكاسبها باستخدام ميليشياتها المسلحة، وعدم اليقين بشأن مصير خطة العمل الشاملة المشتركة، وغياب الضمانات الأمنية من الولايات المتحدة التي تعتمد عليها السعودية.
وأوضحت المجلة أن الحكومة الإيرانية تحرص على استئناف العلاقات الدبلوماسية مع السعوديين، الأمر الذي من شأنه أن يساعدها على ترسيخ شرعيتها الدولية المتنازع عليها حاليا وربما إرساء الأساس لمشاركة إقليمية أكبر، اقتصادية واجتماعية، من شأنها أيضا تعزيز الحكومة محليا.
واستدركت بالقول: "لكن من غير المرجح أن يهدئ ذلك الاحتجاجات في إيران التي اشتكت من أن سياسة دعم الميليشيات من لبنان إلى اليمن مكلفة للغاية بينما يشح المال في الداخل، ولا تؤدي إلا إلى مزيد من العقوبات".
وبحسب المجلة فأن التعقيد في هذا السيناريو هو أن الرئيس الايراني، ابراهيم رئيسي، لا ينوي كبح جماح تلك الميليشيات أو الموافقة على تغييرات في الاتفاق النووي.
وأشارت إلى ان تطوير إيران للصواريخ الباليستية طويلة المدى، التي تود الولايات المتحدة تضمينها في محادثات أخرى، يثير تهديدا خاصًا للسعودية.
وبحسب المجلة فأنه طالما أن إيران غير مستعدة للتنازل على هذه الجبهات الرئيسية، فإن السعوديين ببساطة لا يرون احتمال التوصل إلى اتفاق.
ولخص "سيد حسين موسويان" صانع السياسة الإيرانية الذي خدم في فريق الدبلوماسية النووية الإيراني في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي عام 2015، تفكير الرئيس الإيراني، قائلا: "كما أفهم، سيكون نهج رئيسي هو التزام مجموعة "5+1" وإيران بخطة العمل الشاملة المشتركة كما هي، الامتثال الكامل مقابل الامتثال الكامل".
ويعني هذا أن القضايا الأوسع التي تعتبرها الولايات المتحدة وحلفاؤها مثل السعودية، ناهيك عن إسرائيل، خطوات تالية مهمة، ليست مطروحة حاليا على الطاولة.
وقال "سايمون هندرسون"، الزميل في معهد "بيكر" ومدير برنامج "برنشتاين" حول الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن، إنه يعتقد أن إيران ستستمر في دعم الميليشيات عبر ما يسمى بالهلال الشيعي.
وقال "هندرسون": "أي تعديل سيكون لأسباب تكتيكية وليست استراتيجية".
وامتلأ حفل تنصيب الرئيس الايراني، ابراهيم رئيسي، بحشد من قادة الميليشيات غير الحكومية التي تدعمها إيران، وقد أمضى العديد منهم أعواما أو عقودا في مجابهة النفوذ السعودي في المنطقة لصالح الوجود الإيراني.
ومن المؤكد أن وجودهم وبروزهم في الحدث لم يعزز الثقة السعودية في المحادثات.
وقال "جوست هيلترمان"، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، إن إيران ترى هؤلاء الشركاء المسلحين على أنهم حاسمون لموقفها في المنطقة المحيطة.
ومع ذلك، أضاف "هيلترمان" أن هذه الميليشيات تتبع أيضا أجندة محلية لا تتوافق دائما تماما مع التصميم الإقليمي لإيران.
وأضاف: "يمكن أن يصبح الأمر أكثر إثارة للاهتمام إذا تجاوزت هذه المجموعات بيئاتها المحلية. ويمكن أن يحدث هذا بشكل خاص في العراق، حيث يمكن أن تتعارض الميليشيات المدعومة من إيران، بالإضافة إلى العديد من الميليشيات الأخرى، مع المشاعر الشعبية عندما تتصرف بشكل خاص بعنف داخل الدولة دون محاسبة، أو حين ينظر إليها على أنها تقاتل نيابة عن إيران بدلا من خدمة المصلحة الوطنية العراقية".
وقال "علي فايز"، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، إنه إذا لم تتم استعادة الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران، فإن "طهران وواشنطن ستظلان في حالة خنق متبادل، وفي ظل هذه الظروف، فإن وقف التصعيد بين إيران والسعودية غير مرجح، إن لم يكن مستحيلا".
وأضاف أن أي حل بين الخصمين الإقليميين سيعتمد على تقسيم مناطق النفوذ.
وقال "فايز: "في نهاية المطاف، سيتعين على البلدين الاتفاق على مجموعة من القواعد لتحديد مناطق النفوذ في المنطقة".
ويشير المحللون إلى أنه فيما يتعلق بالتنازلات المتبادلة، فإن سوريا هي ثمرة معلقة للسعوديين، واليمن يمثل نفس الأمر للإيرانيين. ويمكن أن تنضم السعودية إلى الإمارات في الضغط من أجل الاعتراف الدبلوماسي بنظام "الأسد"، بينما يمكن لإيران أن تدفع حلفاءها المحليين الحوثيين إلى صفقة مع "حكومة" اليمن التي تدعمها السعودية.