توقعت تقارير طبية دولية أن يؤدي تناول الملح المفرط إلى وفاة ما يقدر بنحو 1.6 مليون شخص في جميع أنحاء العالم خلال العام الجاري. وستحدث أربع من كل خمس حالات وفاة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وسيكون نصفها تقريبًا بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 70 عامًا.
وهذه الوفيات الناجمة عن الإفراط في تناول الملح يمكن منعها. لا سيّما أن المعدلات اليوميّة لاستهلاك الملح في غالبية الدول تتخطّى الحدّ الأعلى الذي أوصت به منظمة الصحة العالمية وهو 5 غرامات يوميًا، لتسجّل معدلًا وسطيًّا عالميًا يبلغ 10.1 غرامات، أي ضعف الحد الأقصى، وفق "شبكة سي إن إن" الامريكية.
وتوفر أملاح البوتاسيوم فائدة مزدوجة، إذ أن تقليل الصوديوم يخفض ضغط الدم وينقذ الأرواح، بينما زيادة البوتاسيوم، الذي لا يستهلكه غالبية الناس في الكثير من البلدان، بما في ذلك الولايات المتحدة، يقلل أيضًا من ضغط الدم ويحسن صحة القلب.
وأظهرت دراسة نشرت في المجلة العلمية "New England Journal of Medicine" أن إمكانية تناول ملح الصوديوم المخفّف قد يُقلّل من استهلاك الصوديوم وينقذ الحياة. فملح الصوديوم المخفّف، يستعيض عن 25% من الصوديوم بالبوتاسيوم الذي يتسم بخصائص مشابهة، وطعمه مشابه للملح العادي.
وقال الدراسة الجديدة، التي أجراها معهد جورج للصحة العالمية في الصين، إن بدائل الملح منخفضة الصوديوم تنقذ الأرواح وتمنع النوبات القلبية والسكتات الدماغية. وقلّل ملح الصوديوم المنخفض خطر الموت بنسبة 12٪، وخطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 14%، وإجمالي مخاطر القلب والأوعية الدموية (السكتات الدماغية والنوبات القلبية مجتمعة) بنسبة 13%.
ولوضع ذلك في السياق، فإن تخفيض مخاطر الأمراض الوعائية بنسبة 13% في الولايات المتحدة يعني الحماية من أكثر من 200 ألف نوبة قلبية وسكتة دماغية سنويًّا، أما عالميًا، فيمنع ملايين النوبات القلبية والسكتات الدماغية.
وهذه الدراسة التي تُعد الأوسع والأطول حول الاختبارات للبحث عن بدائل للصوديوم، استغرقت أكثر من خمس سنوات، وشارك فيها 21 ألف شخص لديهم تاريخ من السكتة الدماغية أو ضعف التحكم في ضغط الدم (أي أولئك الأكثر عرضة للإصابة بالنوبات القلبية أو السكتات الدماغية).
وأظهرت أن ملح الصوديوم المخفف يحمي من النوبات القلبية والسكتات الدماغية، وهو بديل مقبول يمكن تكييفه بسهولة مع الأنظمة الغذائية لغالبية الناس. إلى ذلك، أظهرت الدراسة أن لا مخاطر لحدوث أعراض سلبية خطيرة.
وتُعتبر النتائج من هذه التجربة واعدة بشكل خاص في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل - حيث يأتي معظم مدخول الصوديوم من الملح المضاف أثناء الطهي أو تناول الطعام في المنزل، مع اعتماد سياسة التحفيزات الصحيحة، مثل الضريبة على الملح العادي أو تقديم الدعم لملح الصوديوم المخفف بهدف ضمان أنّ سعره يوازي سعر الملح العادي أو حتى أدنى، ما يشجع على استهلاكه.
ماذا يتوجب على الحكومات فعله للترويج لاستخدام ملح الصوديوم المخفف؟
- أن يكون متوفراً للبيع (تشير الدراسة إلى تواجده في أقبل من ربع دول العالم)، بسعر مخفّض، والسعي لإقناع المستهلك، وتجار التجزئة والمنتجين بزيادة استخدامه.
- دعم هذا المنتج لتخفيض سعره، الذي يفوق سعر الملح الحالي، راهنًا.
- إعطاء محفزات للمصنعين لإدخاله كملح بديل في إنتاج أطعمتهم.
- زيادة الوعي حول فوائد ملح الصوديوم المخفّف
- اعتماد سياسات مكمّلة مثل وضع أهداف للتقليل من استخدام الملح في صناعة المأكولات، واستخدام لافتات تحذيرية من الإفراط في تناول الملح قد تساهم بزيادة استخدام الملح الصوديوم المخفف في الأطعمة الجاهزة.
كما أن زيادة استخدام ملح الصوديوم المخفف سيقلّل من نفقات العلاجات الطبية، وضعف الإنتاجية الناجمة عن ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب، إذ يُسجّل أكثر من 25 ألف حالة وفاة يوميًا بسبب ضغط الدم. أما الكلفة الطبية المباشرة المتوقعة فهي 370 مليار دولار سنويًا.