تنتهي الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة في اليمن، مساء اليوم الخميس، دون اتفاق بين الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً وميليشيا الحوثي الانقلابية على تمديدها، رغم مساهمتها إلى حد كبير في خفض العنف في البلد الفقير وسماحها لليمنيين بالسفر من مطار صنعاء للمرة الأولى منذ ست سنوات في رحلات تجارية آخرها بين العاصمة اليمنية والقاهرة الأربعاء.
ودخلت الهدنة حيز التنفيذ في الثاني من أبريل الماضي بوساطة من الأمم المتحدة، وتضمنت جملة من البنود من بينها السماح برحلات تجارية من مطار صنعاء الدولي، ورفع الحصار عن موانئ الحديدة، وفتح طرقات المحافظات المحاصرة وفي مقدمتها تعز جنوب غرب البلاد.
وفشلت مساعي الامم المتحدة كليا في تنفيذ بند فتح الطرق والمعابر في مدينة تعز والمحافظات اليمنية الأخرى، إثر تعنت ميليشيا الحوثي الانقلابية.
وذكرت صحيفة "العربي الجديد" الصادرة في لندن أن مصدرين حكوميين يمنيين لم تسمهما أكدا لها موافقة كلّ من الحكومة والحوثيين مبدئياً على تمديد الهدنة شهرين إضافيين، نتيجة ضغوط دولية وأممية مكثفة، شملت دخول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس على خط المشاورات، بعد اتصاله، أمس الثلاثاء، برئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي، واعداً إياه بالضغط على الحوثيين لفتح طرقات تعز.
ونقلت الصحيفة عن مصدر حكومي مواكب للاتصالات، القول إنه من المتوقع أن يُعلَن عن تمديد الهدنة خلال أقل من 48 ساعة، على أن تستمرّ حتى الثاني من أغسطس المقبل، مشيراً إلى أن الضغط الدولي والإقليمي كبير بهدف تجديد الهدنة، ولفت إلى أن الأمم المتحدة كانت تسعى إلى تمديدها لمدة ستة أشهر، أي من 2 يونيو الجاري حتى مطلع ديسمبر المقبل، لكن بعد نقاشات عدة، تم الاتفاق على مهلة الشهرين لقياس مدى التزام الحوثيين.
وأشار المصدر إلى أن الحكومة كانت تتمسك بضرورة صرف الحوثيين مرتبات الموظفين المدنيين في مناطق سيطرة الجماعة من عائدات ميناء الحديدة، إلى جانب فك الحصار عن بعض طرق تعز، موضحاً أن الحوثيين طرحوا بعض الشروط، لكن تم في الساعات الماضية تجاوزها، وذكر أن المبعوث الأممي وعد العليمي بالضغط على الحوثيين بشأن حصار تعز.
وحسب المصدر فمن بين الشروط التي طُرحت من قبل الحوثيين، استمرار مزايا الهدنة لجهة فتح مطار صنعاء، والسماح لسفن الوقود بالعبور إلى الحديدة، مع توسيع هذه المزايا، فيما يرفضون إلى الآن فتح طرق رئيسية في تعز، ويصرّون على طرق بعيدة.
وقال مصدر حكومي آخر لـ"العربي الجديد"، إن "مجلس الرئاسة وافق على تمديد الهدنة، وأبلغ الأمم المتحدة بذلك، لكنه اشترط الضغط على الحوثيين لإنهاء الحصار عن مدينة تعز، وفتح الطرق والمعابر الرئيسة، وطلب التزاماً زمنياً محدداً لتنفيذ ذلك".
وتوقع المصدر "أن يتم الإعلان عن التمديد لشهرين إضافيين، على أن تتم إضافة بند لمناقشة تسليم رواتب الموظفين الحكوميين وفقاً لكشوفات 2014، أي قبل سيطرة جماعة الحوثيين على مؤسسات الدولة".
ويرى مراقبون أنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق رسمي لتمديد الهدنة سيضع اليمن بين سيناريوهين؛ الأول استئناف القتال، وهذه المرة لن يكون كسابق الجولات بل أكثر شراسة وعنفاً، لاسيما بعد الترتيبات التي جرت في السلطة الشرعية. والثاني: التأني من الجانبين وتجنب كليهما إطلاق الرصاصة الأولى لفسح المجال أمام المبعوث الأممي هانس غروندبرغ لمواصلة جهوده في تمديد الهدنة.
واعتبر المراقبون أن الساعات المقبلة ستكون محددا للسيناريو الذي سيتبناه الطرفان، وإن كان تمديد الهدنة يخدم صالح كليهما، حيث أن السلطة الشرعية الممثلة في مجلس القيادة الرئاسي ما تزال في مرحلة ترتيب أوراقها بشأن سبل إدارة المرحلة وبالتالي أي تصعيد قد تكون له مفاعيل سلبية، فيما منحت الهدنة المنتهية الحوثيين مكاسب عجزوا عن تحقيقها عسكريا خلال السنوات الماضية، وهو ما يجعلهم يميلون إلى خيار تمديدها.