مشهدك الحقيقي .. بين يديك
الأحد , 14 - أبريل - 2019
الرئيسية - المشهد اليمني - قاضيات في مناصب رفيعة... هل يدفع بتمكين المرأة في اليمن؟

قاضيات في مناصب رفيعة... هل يدفع بتمكين المرأة في اليمن؟

صور القاضيات
الساعة 01:53 مساءً (المشهد الخليجي - د ب أ)

لأول مرة في تاريخ اليمن، أصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، قرارات قضت بتعيين 8 قاضيات في المحكمة العليا، وسط ترحيب محلي ودولي بهذه الخطوة التي اعتبرت بأنها لافتة قد تدفع بتمكين المرأة في البلاد.

وجاءت هذه القرارات التي أعلنتها الوكالة اليمنية الرسمية في الخامس من سبتمبر 2023، وسط آمال بتعزيز دور المرأة التي عانت من تهميش كبير، خصوصا في هذه المرحلة مع استمرار الحرب منذ نحو تسع سنوات.

والقاضيات هن إكرام العيدروس، وكفاح منذوق، وسلطنة محمد عبيد، وأحلام محمد مقبل، ونبيلة حسن، وفاطمة اللحجي، وكفاح سعيد عوض أحمد، واتحاد محسن فريد.

وأدت القاضيات اليمين الدستورية أمام رئيس مجلس القيادة الرئاسي، من أصل 40 عضوا تم تعيينهم في المحكمة العليا.

واعتبرت اللجنة الوطنية للمرأة (غير حكومية) قرار تعيين القاضيات بأنه "يمثل دلالة على صدق توجهات مجلس القيادة الرئاسي الداعمة للمرأة، وإشراكها في مواقع صنع القرار، وتعزيز مشاركتها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وضمان دورها الرائد في بناء السلام وصناعة التغيير المنشود".

وطالبت اللجنة في بيان" باتخاذ المزيد من الخطوات المماثلة الداعمة والمساندة للمرأة باتجاه تمكينها وتوسيع مشاركتها الفاعلة في كافة مواقع صنع القرار".

وشددت على أن" المرأة اليمنية تمتلك القدرة الكافية على مشاطرة الرجل مسؤولية العمل من أجل تعزيز التنمية وتحقيق الأمن وبناء السلام في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد".

ترحيب دولي

تعيين النساء في مناصب رفيعة باليمن، أثار اهتماما دوليا، خصوصا مع تهميش ملحوظ للمرأة في البلد الفقير.
وفي السياق، رحب الاتحاد الأوروبي، بتعيين رئيس مجلس القيادة الرئاسي 8 نساء مؤخرا في المحكمة العليا.

واعتبر الاتحاد الأوروبي في بيان صادر عن بعثته باليمن هذه التعيينات بأنها "خطوة جديرة بالثناء ضمن الرحلة الطويلة لتمكين النساء في ‎اليمن".

ودعا الاتحاد الأوروبي إلى مزيد من إدماج النساء اليمنيات وتعيينهن في مناصب رفيعة، وفق البيان.

بدورها، اعتبرت بريطانيا تعيين القاضيات "خطوة قوية في تعزيز تمكين المرأة وتفعيل دورها في المجتمع".

وأضافت عبر تغريدة في منصة إكس لسفارة لندن باليمن " نبارك تعيين 8 قاضيات في المحكمة العليا اليمنية ونتطلع الى المزيد من مشاركة المرأة في مختلف المجالات".

توجه فعلي لتمكين النساء
رغم إن الحكومة اليمنية الحالية المشكلة مناصفة بين الشمال والجنوب، لا يوجد امرأة واحدة على رأس وزاراتها، إلا أن ثمة من يتفاءل بتمكين أكبر للنساء خلال الفترة المقبلة.

ويقول فيصل المجيدي، وكيل وزارة العدل اليمنية، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ)، إن "تمكين المرأة في بلاده، وبالتحديد في المجال القضائي، موجود منذ فترة طويلة، خصوصا في جنوبي البلاد، فيما كان يعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية (قبل تحقيق الوحدة عام 1900).

وأضاف المجيدي "الحقيقة أنه فيما بعد، وفي إطار دولة الوحدة، بدأت خطوات مهمة فيما يتصل بتمكين المرأة في المناصب الرسمية، لكن لم تكن على المستوى المأمول".

وأشار إلى أن" تعيين القاضية صباح علواني في مجلس القضاء الأعلى في آب/أغسطس 2022، ثم ما تلا ذلك من تعيين ثماني نساء في المحكمة العليا، يعد مؤشرا مهما جدا على توجه لتمكين المرأة في المناصب الرسمية".

وتابع "هناك توجه فعلي في مسار تمكين المرأة بشكل واضح ومؤكد، ومجلس القيادة الرئاسي بالفعل معني بهذا الأمر، وقد كرر حديثه أكثر من مرة عن تمكين المرأة، وتواجد النساء أصبح لافتا على مستوى القضاء بشكل عام".

ولفت المجيدي إلى أن" تمكين المرأة أصبح بالفعل توجها مهما، وإن كان لا يزال هناك حاجة بالفعل إلى تكريس هذا الأمر اجتماعيا، لأن في اليمن مجتمع محافظ، ومسألة وجود المرأة في القضاء ربما لدى بعض شرائح المجتمع ، فيما البعض لا يزال يتحفظ على هذا الأمر".

وختم قائلا " تثبت المرأة اليمنية قدرتها، وقد تواجدت بشكل قيادي في السلك القضائي وحتى في دروب المؤسسات الأخرى ".

خطوة إيجابية للقيادة
في بلد تعاني فيه المرأة من تهميش بمختلف مجالات الحياة، بات أي تعيين للنساء في مناصب رفيعة، محل إشادة وتقدير، وسط تشديد بضرورة مواصلة هذا النهج.

صباح الشرعبي رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة في تعز المحافظة الأكثر سكانا باليمن، ترى في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) أن " قرار تعيين 8 قاضيات في المحكمة العليا للمرة الأولى، يعد الأول من نوعه في تاريخ اليمن ".

واعتبرت قرار التعيين بأنه" اعتراف باستحقاق المرأة اليمنية لهذه المواقع، ويعد خطوة إيجابية للقيادة، وانطلاقة فعلية للمرأة اليمنية".

وأعربت الشرعبي عن أملها في أن يكون قرار تعيين القاضيات اللبنة الأولى لعودة المرأة اليمنية إلى حقها في إدارة شؤون البلاد، وركيزة أساسية لبناء دولة ديمقراطية عادلة، وإيمان حقيقي بالدور الفاعل للمرأة ومشاركتها الحقيقية في البناء والتنمية".

وأشارت إلى أنه" تم إهمال المرأة سياسيا وحقوقيا خلال الفترة الماضية بسبب الحرب والصراع القائم، الذي أدى بدوره إلى التقاسمات والمحاصصة في تولى المناصب السياسية وكذلك الحقوقية".

خطوة في إلغاء التمييز
رغم التحسن في مسألة ردم الفجوة بين الرجال والنساء من حيث الاهتمام الرسمي، ما يزال الأمر بحاجة إلى عناية أكبر تدفع بتمكين أوسع للمرأة.

وفي معرض حديثه عن تعيين القاضيات، يفيد المحامي والناشط الحقوقي عمر الحميري ، لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) بأن "هذا القرار غير المسبوق في تاريخ القضاء اليمني يعكس التزام السلطات بمبادئ دستورية أساسية مثل حق المساواة في الحقوق والواجبات، ويمثل خطوة في إلغاء التمييز، والحد من وصول النساء الى دوائر صنع القرار في القضاء".

وأضاف أن" هناك إرثا من العادات والتقاليد والمفاهيم المغلوطة لمقاصد النصوص الدينية، كان لها الأثر في حرمان النساء من تولي العديد من المناصب، وعلى رأسها في مؤسسات العدالة".

ولفت الحميري إلى أن" هناك كوادر نسائية ذات كفاءة عالية في القضاء حرمت من الحصول على قرارات تعيين في محاكم ونيابات ذات أهمية، ومن تولي رئاسة المحاكم، وظل دورهن جزئيا وتحت الوصاية كأعضاء نيابة أو قضاة جزئيين، ولربما كانت محاكم الأحداث هي الوحيدة التي تم فيها تعيين قضاة من الكوادر النسائية خلال العقود الماضية".

واعتبر الحميري أن تعيين القاضيات له تأثير إيجابي في الحياة العامة، نحو تعزيز الحقوق المدنية والمساواة، وتكريس هذه المبادئ الدستورية عمليا، وتوظيف عدد لا بأس به من الكفاءات في أعلى مراتب المؤسسة العدلية.

وأشار إلى أن هذا القرار يفتح الباب أمام مزيد من القرارات، وتكريس الثقة بالعناصر النسائية في مؤسسة القضاء، وفي بقية المؤسسات ، ويعزز الثقة لدى النساء العاملات في المحاكم الابتدائية والاستئنافية بأن لهن مواقع في أعلى محكمة في البلاد... المحكمة التي تعد المرجعية الأخيرة لكل مؤسسات الدولة".

وختم قائلا"هذا القرار حقق نوعا من العدالة للقضاة النساء اللاتي طالما حققن عدالة للمجتمع".