مشهدك الحقيقي .. بين يديك
الأحد , 14 - أبريل - 2019
الرئيسية - المشهد الدولي - مبادرة روسية لتسوية أزمات المنطقة تتجاهل تجاوزات إيران

مبادرة روسية لتسوية أزمات المنطقة تتجاهل تجاوزات إيران

الساعة 10:01 مساءً (المشهد الخليجي/ متابعات)
�شفت موسكو عن رؤية روسية لإحلال الأمن والتعاون في منطقة الخليج، قالت إنها تسعى لإنضاجها وتقديمها إلى مجلس الأمن الدولي بوصفها مبادرة متكاملة تهدف إلى ترسيخ نظام أمني مستقر في المنطقة يراعي مصالح كل الأطراف.

ونظمت وزارة الخارجية اجتماعا مغلقا دعت إليه سفراء ودبلوماسيين من عدد من البلدان العربية، والبلدان دائمة العضوية في مجلس الأمن، والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، فضلا عن البلدان «الحليفة» لروسيا في مجموعة «بريكس» وحضره نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف الذي أطلع الحاضرين على مضمون الأفكار الروسية حول آليات ضمان الأمن في المنطقة ونزع التوتر القائم حاليا، ووضع أسس لبلورة نظام إقليمي مستقر.

وأشار بوغدانوف في بداية الحديث إلى «التوتر الهائل في منطقة الخليج على مدى العقود الأخيرة»، بالإضافة إلى «تكوين شبكة الإرهاب الدولي بالقرب من المنطقة». ورأى أن فكرة إنشاء نظام أمن مشترك في الخليج قد تلعب دورا أساسيا في حشد النشاط السياسي والدبلوماسي لدول المنطقة بهدف تطبيع الوضع وتعزيز الاستقرار وتسوية النزاعات القائمة.

ووفقا لنائب الوزير، فإن الأفكار الروسية تطورت خلال العقدين الماضيين على خلفية التطورات الحاصلة في المنطقة، ورأى أن تقديمها في الوقت الحالي يكتسب أهمية خاصة على خلفية تفاقم التوتر حول إيران. وزاد أن الأهداف التي تتطلع إليها موسكو تشتمل على توحيد الجهود من أجل إنهاء خطر المنظمات الإرهابية وتسوية كاملة للأزمات في كل من سوريا واليمن والعراق. وتأكيد الالتزام بالقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن حول أهمية أن يكون نظام الأمن في الخليج كاملا وشاملا ويخدم مصالح جميع الأطراف المعنية وفي المجالات الاقتصادية والعسكرية كافة، وكذلك في مجال الطاقة. مع ضرورة توفير المساعدات الإنسانية للدول المحتاجة بهدف تسوية الأزمات واستقرار المجتمعات المحلية.

وأبلغت أوساط دبلوماسية عربية في موسكو «الشرق الأوسط» أن أفكار موسكو بحاجة إلى «عمل طويل لإنضاجها خصوصا أنها تتجاهل التجاوزات الإيرانية ومساعي زعزعة الأمن الإقليمي من جانب طهران عبر التحريض على الفتن واستخدام الجماعات الطائفية للتخريب في دول الجوار». ووفقا لمصدر دبلوماسي عربي، فإن المشكلة الأبرز في الرؤية الروسية أنها تسعى إلى وضع تصور بعيد المدى لتسوية أزمات المنطقة، بينما تحتاج المنطقة إلى خطوات عاجلة وسريعة لنزع فتيل التوتر ووقف التجاوزات من جانب إيران.

ولفت دبلوماسي آخر، إلى أن الأفكار الروسية حول الأمن في منطقة الخليج مطروحة منذ وقت طويل، وأن الجديد فيها هو مسعى توسيع دائرة البلدان المشاركة في النظام الأمني لتشمل روسيا والولايات المتحدة وأطرافا أوروبية وآسيوية مثل الهند. في حين أن مطلب الأمن الجماعي في المنطقة هو بالدرجة الأولى مسؤولية بلدان المنطقة ذاتها.

وقال بوغدانوف إن تشكيل نظام الأمن الجماعي يجري بطريقة تدريجية ابتداء من حل القضايا الحادة مثل مكافحة الإرهاب الدولي وتسوية الأزمات العراقية والسورية واليمنية، وتحقيق كل الاتفاقات بشأن البرنامج النووي الإيراني، معتبرا نظام الأمن المشترك في الخليج «جزءا لا يتجزأ من نظام الأمن في منطقة الشرق الأوسط». وقال إنه «يجب أن يقوم على مبادئ التزام احترام السيادة وحل القضايا الداخلية من دون تدخل خارجي وعن طريق الحوار الوطني».

وطرح بوغدانوف رؤية موسكو لإنضاج الحوار حول المبادرة التي نصت على خمسة بنود، مشيرا إلى اقتراح بالبدء في المشاورات الثنائية ومتعددة الأطراف وفي إطار مجلس الأمن الدولي أو جامعة الدول العربية أو منظمة المؤتمر الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي، على أن تكون نتيجة هذه المشاورات تشكيل مجموعة عمل تقوم بتحضير مؤتمر دولي للأمن والتعاون في منطقة الخليج.

وتضمنت الأفكار الروسية مجموعة إجراءات من شأنها تأمين الملاحة في الخليج وبناء الثقة بين دول المنطقة والحفاظ على الاستقرار الإقليمي. وبينها:

أولا: تأكيد دول المنطقة والأطراف الخارجية التزاماتها الدولية، وتحديدا التخلي عن استخدام القوة في حل المسائل الخلافية، واحترام سيادة دول المنطقة وسلامة أراضيها، والالتزام بمبدأ تسوية الخلافات بشأن ترسيم الحدود عن طريق التفاوض أو غيره من الوسائل السلمية بشكل حصري.

ثانيا: أن تأخذ دول المنطقة على عاتقها التزامات متبادلة متعلقة بالشفافية في المجال العسكري، وبينها الحوار بشأن العقائد العسكرية واجتماعات لوزراء دفاع الدول الإقليمية، وإقامة «خطوط ساخنة»، وتبادل الإخطارات بصورة سابقة حول إجراء التدريبات وطلعات الطيران العسكري، وتبادل المراقبين، وعدم نشر قوات لدول خارج المنطقة على أساس دائم على أراضي دول الخليج، وتبادل المعلومات بشأن القوات المسلحة وشراء الأسلحة.

ثالثا: توقيع اتفاقية للتحكم والرقابة على انتشار الأسلحة، بما في ذلك احتمال إنشاء مناطق منزوعة السلاح، وحظر التكديس المزعزع للاستقرار للأسلحة التقليدية، ومن بينها مضادات الصواريخ، وخفض تعداد القوات المسلحة من جانب جميع دول المنطقة.

رابعا: في سياق تعزيز نظام عدم الانتشار النووي في الشرق الأوسط، اتخاذ تدابير تهدف إلى تحويل الخليج إلى منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل.

خامسا: إبرام اتفاقات مكافحة الإرهاب الدولي والاتجار غير المشروع بالأسلحة والهجرة والاتجار بالمخدرات والجريمة المنظمة.

وإضافة إلى الإجراءات المذكورة، أشار بوغدانوف خلال اللقاء المغلق إلى ضرورة إطلاق حوار تدريجي حول تقليص الوجود العسكري الأجنبي بالمنطقة، ووضع تدابير مشتركة لبناء الثقة بين دول الخليج ودول أخرى، مع إحراز تقدم في إنشاء هيكل نظام أمن خليجي، لافتا إلى أن الغرض الرئيس على الأمد البعيد يتمثل في إنشاء منظمة للأمن والتعاون بالخليج تشمل الدول الإقليمية وروسيا والصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والهند، وغيرها من الأطراف الدولية المعنية بصفة مراقبة أو كأعضاء أساسيين.

ورغم أن بوغدانوف أكد في وقت لاحق أمس، أن بلاده تعمل لعرض المشروع كمبادرة روسية في مجلس الأمن، لكن بدا واضحا أن موسكو تولي أهمية كبرى لتوسيع النقاش حول الأفكار المعروضة في مسعى لإنضاجها وحشد تأييد إقليمي حولها.

وترى الأوساط الدبلوماسية العربية أن النقاش حول الأفكار الروسية يتطلب مراعاة رفض إيران التحول إلى «دولة طبيعية» والتخلي عن طموحات توسيع النفوذ الإقليمي لطهران على حساب مصالح بلدان المنطقة. ما يعني أن السؤال المطروح هو عن قدرة موسكو على ممارسة تأثير على طهران لتغيير سياساتها الإقليمية.

وأشارت مصادر دبلوماسية أيضا إلى الحاجة لإجبار إيران على إبداء أكبر قدر ممكن من الشفافية حول برنامجها النووي، وأن هذا الأمر لم يضمنه الروس في الأفكار المطروحة. فضلا عن تأكيد أنه لا يمكن الفصل بين أزمات المنطقة، نظرا لأن إيران تقوم باستخدام الجماعات الموالية لها لتأجيج الوضع في اليمن وسوريا ولبنان وغيرها من بلدان المنطقة.