مشهدك الحقيقي .. بين يديك
الأحد , 14 - أبريل - 2019

وعاظ السلاطين

2019/12/23 الساعة 03:29 مساءً

ينتهي الواحد منا من قراءة كتاب ويستسلم لإغراء تقديم خلاصة لما قرأ. لكن بعض الكتب تتمنى لو انك تقدمها كاملة دون اختصار ولا نقصان.

انتهيت من قراءة كتاب "وعاظ السلاطين" للدكتور علي الوردي. لقد رافقني الكتاب لثلاث ليال وأطلت سهري معه وكلما هممت الى النوم كانت الافكار تدور وتتقلب في راسي فوددت ان أقوم الى الكتاب ثانية أواصل فيه سفري الشهي.

القراءة لعلي الوردي هي تكوين جديد وهي قراءة لقرون من الصيرورة الاجتماعية للعالم الإسلامي بادوات علم الاجتماع بعقل حاد نافذ ولغة متينة ماتعة.

الدكتور علي الوردي يحطم اصنام الفكر بطرافة وتعبير قريب. بضعك بين النسبي وصرامة السؤال. قراءة هذا الكتاب تشبه دخولك حاملًا مضرب الكريكت الى خزانات رأسك المشحونة بأقداح وأواني فخار وزجاج الموروث والتراكم وتنهال عليها ضربًا وتكسيرا.

اترك لكم هذه الاقتباسات لعلها تشخذ همتكم الى الاطلاع على الكتاب كاملا.

"والوعاظ المتفرنجون لا يقلون عن المعممين في ولعهم بالنصائح الفارغة. فلا يكاد احدهم يذهب الى بلاد من بلاد الغرب حتى يرجع وقد انتفخت أوداجه غرورا وتحذلقا، وياخذ عند ذلك بتمجيد سجايا الغربيين وسمو اخلاقهم. ثم ينظر الى من حوله من البؤساء فيرمقهم بنظرة ازدراء ويقول :'' مالكم لا تتخلقون بأخلاقهم؟!'' " ص ٢٧٠.

"كلفت المدنيات القديمة البشر ثمنا غالياً. فهي كانت تقدما ماديا يصاحبه تاخر احتماعي. وكلما ازداد مجد السلطان اشتدت وطأته على رعاياه. وهولاء البلداء الذي [ن] يفرحون بآثر مجدهم القديم لا يدرون ان آباءهم ربما كانوا اثناء ذلك عبيدا عند السلطان، وأمهاتهم جواري في قصوره العامرة. " ص ٢٦٤.

" لقد ان الاوان لكي نحدث انقلابا في اُسلوب تفكيرنا. فقد ذهب زمان السلاطين وحل محله زمان الشعوب. وليس من الجديد بِنَا، ونحن نعيش في القرن العشرين، ان نفكر على نمط ما كان يفكر به أسلافنا من وعاظ السلاطين.
آن لنا ان نفهم الطبيعة البشرية كما هي في الواقع، ونعترف بما فيها من نقائض غريزية لا يمكن التخلص منها، ثم نضع على أساس ذلك خطة الاصلاح." ص ٢٧١