مشهدك الحقيقي .. بين يديك
الأحد , 14 - أبريل - 2019

صنعاء..مدينة الطغيان والجمال

2022/06/20 الساعة 09:27 صباحاً

صنعاء لها رمزية سياسية طاغية ولها سحر جمالي أخاذ فهي تجمع الطغيان والجمال معا وحين تكون من سكان صنعاء عليك ان تعلم بانك اسير الطغيان ورهينة الجمال وعليك ان تبتكر كيف توفق بين الجمال والطغيان وتلك معادلة صعبة تكلفك حريتك احيانا واحيانا اخرى تكلفك متعة الحياة في صنعاء.

في اواخر 1978 م حين صعد الرئيس الراحل صالح لسدة الحكم كان ربما اول قرار بتعيينات في مجلس الشعب التاسيسي ان عين الوالد الشيخ الباشا بن زبع عضوا في المجلس (البرلمان) يومها ممثلا عن قبائل نهم خلفا للمرحوم الشيخ محسن الاعوج الذي كان يمثل نهم فيما يشبه كوتا قبلية غير معلنة. رحمهم الله.

حينما ذهب الوالد لتأدية اليمين الدستورية امام الرئيس صالح -رحمهما الله- عرض عليه الرئيس ان يهدي له منزلا قال له نحتاجك تستقر في العاصمة. شكره الوالد وقال له لا احتاج بيت احتاج سيارة فسأله الرئيس ليش قال له: البيت سيربطني وانا بدوي احب البر فيما السيارة با تجيبني صنعاء وتردني للبلاد.

حين عرف بعض الاسرة ان الوالد اعتذر عن قبول هدية الرئيس منزل في صنعاء قالوا له لماذا لم تاخذ البيت ورد عليهم بان من يملك المنزل في صنعاء في ظل الثقافة السائدة هو بمثابة (رهينة عند الدولة) حين يغضبون منه ينتزعون منه منزله او يصادرونه ولذلك خلونا ضيف خفيف على صنعاء احسن لي ولكم.

رحل الوالد الشيخ الباشا بن زبع رحمه الله عام 2007 ولم يسمح لأي منا ان يتملك منزلا في العاصمة كما أنه حتى في البلاد كان يعترض على ان يبني احدنا بيتا من الحجر وكان يفضل بناء البيوت من الطين في تحسب منه لثقافة الهدم التي توارثها الأئمة الزيدية في حكم اليمن. هكذا علمنا تخفيف الاحمال.

كان يقول صراحة ابنوا من الطين حتى اذا تضررت المنازل خسارتها سهلة وتكلفة اعادة بنائها تكون أسهل وكرها سمح لي ببناء من الحجر للضيوف فهو رحمه الله كان كثير الاهتمام بحرية الرجال بان لايرتهنون وشديد التأكيد على ان لا تجعل ما تملكه يملكك حد وصفه وكان محقا طيب الله ثراه.

الشاهد هنا ان صنعاء مدينة الجمال لكنها ورثت تراثاً لا زال يضفي على هذه المدينة الرائعة ثقافة السطوة والتنكيل بالخصوم ولسوء حظ هذه المدينة الحبيبة انها لم تستطع حتى الان في القرن 21 ان تحمي ساكنيها او تحاور خصومها، وحين تجد ان هناك من يضع رجل هنا ورجل هناك فاعلم انه رهينة ما يملك.