مشهدك الحقيقي .. بين يديك
الأحد , 14 - أبريل - 2019

بنو هاشم.. ثلاثة عشر قرنا من الوهم! - إعادة نشر-

2022/07/19 الساعة 04:45 صباحاً

 

من هم بنو هاشم وما علاقتهم بالإسلام؟
قد لا يكون هذا التساؤل مدخلًا جيدًا لهذه التناولة العفوية، لكنه سيبقى مطروحًا بإلحاح بفعل الوجود الكثيف والمستفز لهذا المسمى.

بنو هاشم، هم فصيل من أربعة فصائل تنتمي إلى بطن عبد مناف الذي كان واحدا من أربعة بطون تشكل قبيلة قصي بن كلاب، والأخيرة واحدة من قبائل قريش التي كان أشهرها جمح وسهم وعدي ومخزوم وتيم وزهرة.

كان بنو هاشم من سادة قريش بفعل اختصاصهم بالسقاية والرفادة، وهو ما منحهم مكانة عند باقي القبائل العربية، كما خلق لهم منافسين في قريش نفسها وأهمهم بنو أمية.

كان لهاشم أربعة أبناء هم أسد وأبو صيفي ونضلة وعبدالمطلب جد النبي (ص) الذي مات وعمره ثمان سنوات، وكان لهؤلاء أبناء كثيرون في مقام بني عمومة والد النبي (ص)، كما كان لعبد المطلب اثنا عشر ولدا هم أبو طالب والعباس وحمزة وأبو لهب وضرار، وقد أدركوا الرسالة ولم يسلم منهم سوى حمزة والعباس -متأخرًا- إضافةً إلى الحارث وقثم والزبير وعبدالكعبة والمقوِّم والمغيرة والغيداق.

وإذًا فقد جاءت البعثة النبوية وهناك المئات من بني هاشم برئاسة أبي طالب عم النبي محمد (ص) الذي حماه ولم يتبع رسالته حتى مات على الشرك، لتنتقل بعد ذلك رئاسة بني هاشم إلى أبي لهب الذي كان من أشد أعداء النبي ورسالته.

وعلى مدى إحدى عشرة سنة من البعثة، لم يسلم من بني هاشم سوى عم النبي حمزة وابنا عمه علي وجعفر، وعمته صفية بنت عبدالمطلب، بينما أسلم الكثيرون من فروع قريش الأخرى إلى هذا التوقيت.

وإذا تقدمنا عشر سنوات إلى الأمام، إلى السنة الثامنة للهجرة، سنجد أنه لم يلتحق بالإسلام من بني هاشم سوى العباس عم النبي وأبناء عمومته عقيل وربيعة وعبدالله والمغيرة ونوفل وعتبة ومعتب، ليصل عدد المسلمين من بني هاشم عند الفتح إلى أحد عشر فردًا من قبيلة تعدادها بالمئات.

من البديهي اعتبار أن الموقف العام لبني هاشم لم يكن موقفًا متخاذلًا من النبي محمد ومن رسالة الإسلام، بل كان موقفا معاديا بزعامة عم النبي أبي لهب، وأما من أسلم من بني هاشم فهم حالات فردية خارج الموقف العام للقبيلة، الأمر الذي دفع النبي (ص) للبحث عن قبائل أخرى تحميه وتتبنى رسالته كما فعل في رحلته إلى الطائف التي فشلت وعاد منها مجروحًا غير قادرٍ حتى إلى العودة إلى مكة لولا إجارة المطعم بن عدي وقومه ولم يكونوا من بني هاشم.

هاشميون.. سادة!
تبعًا لما تقدّم، فالهاشمية لا تصلح لأن تكون انتماءً مشرفا بين المسلمين، بل على العكس من ذلك، يمكن اعتبار أنها انتساب لمعسكر معادٍ للنبي محمد وللدين الإسلامي، وأنها تنزع إلى رابط سلالي مرتبط بقبيلة وجدت وسادت قبل الإسلام وجاء الإسلام لينزع منها تلك السيادة، بمعنى أن الهاشمية هي استعلاء على الإسلام نفسه ورفضٌ لما ترتب على مجيئ رسالته.

ومن جهة أخرى فرسالة الإسلام قائمة على تحرير البشر من تسلط بعضهم، وتعبيدهم حصرًا للإله القدير، وأما التمايز بين المسلمين فقد جعل الإسلام له ميزانا أخرويا لا تمتد إليه يد البشر، وهو ميزان التقوى كما في الآية 13 من سورة الحجرات (إن أكرمكم عند الله أتقاكم).

لقد كان (بنو هاشم) يعدون أنفسهم (سادةً) لقريش قبل الإسلام، ويدعي اليوم قومٌ أنهم بنو هاشم في مسعى للحصول على تلك السيادة، غافلين عن أن المصطلحين لا ينتميان إلى قاموس الإسلام.

آل البيت!
حسنًا، إذا كان بنو هاشم مسلمين، فإن الإسلام ينسب الناس إلى آبائهم، ولم يكن للنبي محمد (ص) أحفادٌ وفق هذا المنهج. يقول الله تعالى في سورة الأحزاب (ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله). 

كما يجمع المؤرخون وكتاب السيرة أن أبناء النبي الثلاثة قد ماتوا صغارا، ويقصر الله تعالى علاقة النبي محمد (ص) بالمسلمين على صلة الرسالة نافيا صلة النسب، كما في الآية 40 من سورة الأحزاب (ما كان محمدٌ أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيءٍ عليمًا).

النطفة المباركة!
وعلى الرغم من أن أي اعتبارات للصلة بنسب إلى محمد (ص) غير معتبرة لا عقلًا ولا نقلًا، فإن كثافة أعداد هؤلاء الأدعياء قياسًا إلى عدد المسلمين تكشف افتئاتهم حتى على هذا الرابط غير المعتبر.

وبتطوافة سريعة حول العالم الإسلامي، ستجد أن من يدعون أنهم هاشميين يتواجدون في كل البلدان، وعلى الرغم من عدم توفر إحصاءات دقيقة لأعدادهم، إلا أنه يمكن تقدير نسبتهم إلى إجمالي عدد المسلمين حول العالم بـ 2%، وإذا كان عدد المسلمين وفق الإحصاءات قد وصل إلى 1.8 مليار مسلم في نهاية العام 2017، فإن هذا العدد قد يصل اليوم، تقديرًا، إلى ملياري مسلم، بمعنى أن عدد من يسمون أنفسهم ببني هاشم سيكون 40,000,000 مسلم!

فإذا كان بنو هاشم يعتدون بصلتهم إلى أجدادهم المسلمين من بني هاشم، فإن عدد جذورهم سيكون أربعة: آل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل العباس، وإذا اعتبرنا أن عدد هؤلاء مع أبنائهم وأحفادهم في العام التالي لفتح مكة هو مائة فرد كأعلى تقدير، وعلمنا أن جيش المسلمين في غزوة تبوك كان ثلاثين ألف مقاتل، وأن أهل اليمن والعديد من قبائل الجزيرة العربية قد دخلوا في الإسلام وقتئذ، فإن أقل تقدير لعدد المسلمين وقتها سيكون خمسمائة ألف مسلم، أي أن أجدادهم المدَّعَيْن لم يكونوا يمثلوا أكثر من 0.02% من عدد المسلمين!

بمعنى أن العدد الحقيقي لهؤلاء، اليوم، يتعين أن يكون أقل بمائة ضعف! إلا إذا كانوا يتكاثرون على طريقة الحشرات!

كلمة السر!
وبنظرة فاحصة لتأريخ أدعياء هذه السلالة، تجد أن النهم للسلطة والمال هو كلمة السر والدافع الرئيس الذي يدثرونه بدثار الدين والصلة المكذوبة بنبي الإسلام؛ فقد استغلوا عاطفة المسلين وضعف أدوات الفحص والتدقيق، ليؤسسوا ويحكموا العديد من الدول، كالدولة العباسية في بغداد، والدولة الإدريسية في المغرب، والدولة الفاطمية في مصر، ومملكة بهاولبور في بلاد السند، وإمارتي الشايقيين والجعليين في السودان، وإمارة بستك في الأهواز، وإمارة بهدينان في كردستان، ودولة القواسم غرب الجزيرة العربية، والمملكة الحجازية الهاشمية في مكة، والإمارة الإدريسية في جازان وعسير وتهامة، والمملكة العربية السورية، وإمارة شرق الأردن، والمملكة العراقية الهاشمية، والمملكة الليبية، والمملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المغربية اللتين تحكمان الأردن والمغرب حتى اليوم، علاوة على الجمهورية الإسلامية في إيران التي تسيطر اليوم على أربع عواصم عربية تسيطر اليوم عبر وكلائها بشكل شبه كامل على أربع دول عربية هي العراق وسورية ولبنان واليمن، بعد أن تسببت في مقتل وتشريد الملايين من مواطني هذه الدول، وتسعى للسيطرة على باقي الدول المحيطة وسط تقاعس أنظمة هذه الدول وانشغالها ببعضها أو بدعم مخططات هدم شبيهة في دول عربية أخرى.

حان الوقت!
قد لا يكون الديني وحده ما يفتح الطريق أمام هذه السلالة للتسلط على الشعوب، حيث يكون السياسي هو العامل الرئيس في نجاح مشروعها في كثير من الأحيان، كما حصل في سيطرة الحوثيين على السلطة في صنعاء على سبيل المثال، لكن الواضح أن العاملين لا يزالان يسيران بتناغم ويخدم أحدهما الآخر، يدلل على هذا قرار الحوثيين بإنشاء هيئة للزكاة وتحديد مصارف ستة كلها تؤول إلى بني هاشم.

وفي الوقت الذي تنشغل الشعوب العربية المتضررة والمخذولة بمقاومة هذا الخطر عسكريا وسياسيا بدرجات متفاوتة، فإن من المهم كذلك الالتفات إلى سد الشقوق الدينية التي يتسرب منها منذ ما يزيد عن اثني عشر قرنًا من عمر التاريخ الإسلامي.