قالت توكل كرمان لماريا قحطان:
"فداء حذاءك من سلطان حتى أكبر تافه وحتى اصغر عميل، معليش ماريا حقك عليا، كان واضح من يوم جعلته السعودية عضو في مجلس النخاسة أنه واحد من التافهين بس معه مشقر".
هذا خطاب يمنية تحمل جائزة نوبل للسلام، نقلته بعاميته نصاً بكل ما فيه من تشوهات لغوية ومعنوية، مخالفاً حرصي على ألا أنقل ألفاظ الشتيمة ضمن كتاباتي!
تصوروا لو ترجم هذا النص للجنة نوبل، وبهذه اللغة العالية جداً ؟!
على كلٍ: أنا هنا لا أدافع عن شخص بعينه مثل محافظ مأرب، فمن حق الجميع وواجبهم انتقاد أية شخصية عامة، ولكن أدافع عن اللغة والقيم والتقاليد والذوق، حيث لم يقل أحد لصاحبة هذا المنشور إنها تسيء به لنفسها أولاً ولبلدها ثانياً ولجائزة نوبل التي تحملها ثالثاً، وتسيء قبل ذلك وبعده لقيم اليمنيين الذين يختلفون ولكن يحتفظون بقيمهم النبيلة.
ألتقيت في لندن قبل سنوات شيرين عبادي الفائزة الإيرانية بجائزة نوبل للسلام، وأجريت معها حواراً صحفياً نشر في حينه، خرجت من مكتب السيدة عبادي بدهشة من يتعلم أساليب الكلام ومعنى القيم ورقي الروح على يد أستاذة في كل ما سبق…
كانت شيرين رائعة في أجوبتها ولغتها وحضورها وفلسفتها في الحياة…
والليلة أقول: لك الحمد يا رب، حتى عندما تأتينا جائزة دولية معتبرة تخرج صاحبتها بلغة فيها مفردات "الحذاء والتفاهة والعمالة والنخاسة"!
هل ضلت الجائزة طريقها إلينا أم ضللنا نحن الطريق، أم أن هذه هي حقيقتنا التي نحاول أن نغطيها بالجوائز الدولية؟!
مهما يكن: هذه اللغة لا تدل على روح ثائرة، قدر ما تدل على روح مصابة بتشوهات لغوية ونفسية ينبغي معالجتها…
الثائرة التي تغترف من هذا القاموس تحتاج إلى من يقول لها هناك فرق بين النقد والشتيمة، بين الاختلاف في الرأي والهجوم اللفظي على الأشخاص، هناك فرق كبير بين شيرين عبادي وتوكل كرمان…
الثائرة من أجل الديمقراطية التي ترى أن مخالفيها في الرأي أو الموقف "أحذية وتافهون وعملاء وعبيد في سوق النخاسة"، هذه ثائرة تحتاج إلى مراجعة لفكرها وموقفها وقاموسها اللغوي ولمعنى الثورة والديمقراطية!
يبدو أن الزمن سيطول بنا قليلاً لنرى من يرى أن الشتيمة المقذعة هي "كلمة حق أمام سلطان جائر"!
وهمسة أخيرة…
قال شاعر عربي حكيم:
لا يبلغ الأعداء من جاهلٍ
ما يبلغ الجاهل من نفسهِ