مشهدك الحقيقي .. بين يديك
الأحد , 14 - أبريل - 2019

تطبيع العلاقات السعودية الإيرانية في إعادة الحلف الأمني

2023/04/10 الساعة 12:36 مساءً

مازالت المنطقة تعيش الانعكاسات الإيجابية للمصالحة السعودية الإيرانية، وما تمخض عنها من استئناف العلاقات بين الرياض وطهران -بوساطة صينية رصينة- وهو ما انسحب على استئناف العمل الدبلوماسي والقنصلي بينهما، الذي جاء بعد جلسة مباحثات وزيري خارجية البلدين في العاصمة بكين (منتصف رمضان الجاري).

البيان الختامي لوزيري خارجية السعودية وإيران يأتي استكمالًا لما تضمنه البيان الثلاثي المشترك لكل من السعودية وإيران والصين، الموقع في العاشر من مارس الماضي.

لقاء وزير الخارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان بنظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان، حدد الكثير من التفاصيل المحورية، من ضمنها التأكيد على أهمية متابعة تنفيذ اتفاق بكين وتفعيله، بما يعزز الثقة المتبادلة ويوسع نطاق التعاون، والإسهام في تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار بالمنطقة، والحرص على تعزيز العلاقات الثنائية، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني، والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب.

برأيي أن الاتفاق يسير وفق منهجية تصالحية مشتركة وعقلية ملتزمة بالتفاصيل الظاهرة والعميقة، والذي سيتبلور في إعادة فتح البعثات الدبلوماسية، والمضي قدماً في اتخاذ الإجراءات اللازمة لفتح سفارتي البلدين في الرياض وطهران، وقنصليتيهما العامتين في جدة ومشهد، فضلًا عن مواصلة التنسيق بين الفرق الفنية في الجانبين لبحث سبل تعزيز التعاون بينهما، بما في ذلك استئناف الرحلات الجوية، والزيارات المتبادلة للوفود الرسمية والقطاع الخاص، وتسهيل منح التأشيرات.

سيسهم استئناف العلاقات في تكثيف اللقاءات التشاورية وبحث سبل التعاون لتحقيق المزيد من الآفاق الإيجابية للعلاقات بالنظر لما يمتلكه البلدان من موارد طبيعية، ومقومات اقتصادية، وفرص كبيرة لتحقيق المنفعة المشتركة للشعبين الشقيقين، والأهم انعكاس ذلك على أمن واستقرار المنطقة وبما يخدم مصالح دولها وشعوبها.

الصحافة الغربية بدت مهتمة باللقاء بين وزيري الخارجية، خاصة الصحف البريطانية في نسخها الورقية والرقمية، وكان على رأسها الإندبندنت أونلاين، التي نشرت تقريرًا للصحافية أليشا رحمن ساركار، بعنوان "السعودية وإيران سيعيدان خطوط الطيران، ويطبعان العلاقات الدبلوماسية".

واعتبرت أليشا في تقريرها الموسع أن الاتفاق يُعد إنجازاً ضخماً للدبلوماسية الصينية بالشرق الأوسط، في الوقت الذي ترى فيه الدول العربية انسحاب الولايات المتحدة ببطء من المنطقة.

وتقول أيضًا كلامًا مهمًا إن البلدان يقدران أهمية إعادة الحلف الأمني بينهما، والذي تم توقيعه عام 2001، وركز خلاله الطرفان على أهمية التعاون لمواجهة الإرهاب، وتهريب المخدرات، وغسيل الأموال، وإضافة إلى ذلك هناك اتفاق للتعاون التجاري، والتقني بين البلدين تم توقيعه عام 1998.

أعيد السؤال المتكرر دائمًا في كل حلقة نقاش، ماذا ستستفيد الصين من ذلك، هنا أنقل عن وزير الخارجية الصيني كين غانغ، الإجابة عن ذلك بقوله "إن بكين تحاول دعم دول الشرق الأوسط للسيطرة على مصائرها في مواجهة أي تأثيرات خارجية، والحفاظ على مستقبل المنطقة بـأسرها".

وفي خضم تطبيع العلاقات السعودية الإيرانية، وتفكيك عقد مشكلات المنطقة وتشعباتها هنا وهناك، أجد من المهم الإشارة إلى ما ذكره أستاذ الدراسات الدولية في جامعة صن يات صن بالصين، الدكتور شاهر الشاهر في مقابلة متلفزة مع بي بي سي نيوز عربي، من أن إيران بحاجة اليوم للعلاقة مع السعودية؛ لأنها مفتاح علاقاتها مع كل الدول الخليجية والعربية على حدّ سواء، لذلك طالب طهران بالعمل على بناء الثقة مع السعوديين، ولن يتم ذلك برأيه إلا من خلال تشخيص نوع الخلاف على أنه "سياسي" لا "عقائدي".

بالمحصلة النهائية، سيستفيد الطرفان من التقارب السياسي، خاصة أن لكل منهما وزنه الاستراتيجي الكبير، وهو ما سيجنّب منطقة الشرق الأوسط الكثير من الأزمات السياسية والأمنية وسيرسي قواعد الاستقرار في المنطقة، معتبراً أن تنمية الشرق الأوسط لا يمكن أن تتم من دون الاستقرار وهذا ما أدركته طهران بأن التصعيد ليس في مصلحتها.. دمتم بخير.

عن "الرياض"