مشهدك الحقيقي .. بين يديك
الأحد , 14 - أبريل - 2019

ليندركنج وتيسير "فرض الجزية"، اليوم ورسالة للرئيس العليمي

2023/05/01 الساعة 06:41 مساءً

أمريكا، مهمة في الديناميكيات والتحولات والمتغيرات الحالية في اليمن.
التحولات الجارية الآن في اليمن، قد تُغير وضع اليمن الحالي وتحدد الشكل الذي ستستقر عليه لعدة عقود قادمة.
الموضوع الذي يهمنا اليوم، سيبحث ما يريده المبعوث الأمريكي تيم ليندركنج: 
هذا اليوم- هذه السنة- هذه العشر السنوات القادمة.
**
أولا: ماذا يريد ليندركنج، اليوم؟
**
ليندركنج، يعرف كلمة واحدة فقط: "وقف إطلاق النار".
Ceasefire 
ليندركنج، يريد فقط وفقط وفقط وقف إطلاق النار.
بيرني ساندرز، هو الأب الروحي لهذه الكلمة وچوزيف بايدن هو صاحب القرار الذي أمر بتنفيذ هذه الكلمة والمبعوث الأمريكي تيم ليندركنج هو الشخص المكلف بالتنفيذ على الأرض بالجهود الديبلوماسية وبالوسطاء وبالضغوط على السعودية وعلى الشرعية اليمنية وبإغداق الجوائز على حركة التمرد الحوثية.
**
  أولا: قراءة دماغ ليندركنج
**
أولا، سنعدد النقاط الرئيسية في قراءة دماغ ليندركنج حتى لا تتوه في الزحام.
ثم سنتكلم عن التفاصيل والملابسات وتطورات الأحداث والتغير في المسارات الذي لا بد وأن يحدث بين ماكان مقررا في التخطيط والتنظير وبين ما تفرضه مجريات الأمور العملية على أرض الواقع.
عناوين تفكير ليندركنج
*
١- استعارة قطر وانهيار أفغانستان في اليمن.
٢- استعمال سلطنة عمان
٣- الضغط على السعودية.
٤- تفكيك شرعية اليمن.
٥- وقف إطلاق النار.
٦- فرض الجزية لصالح الحوثي.
٧- تجميد الوضع الحالي.
٨- ترك المستقبل لتوازنات القوة الجديدة الناشئة.
الوسطاء
*
كان ليندركنج قد صرح أول ما وصل للمنطقة أن معه قوة كامنة فعالة وهي الدور القطري والدور العماني.
لا يستطيع ليندركنج التباحث علنا والتقاط الصور مع عبد الملك الحوثي ولا مع خامنئي ولا مع وفودهم.
قد يوافق ليندركنج على اللقاء والصور، ولكن المشكلة هي أن الحوثيين والإيرانيين لا يريدون أصلا.
قطر، يسرت وسهلت لرغبات أمريكا في أفغانستان.
سلطنة عمان، تيسر وتسهل لرغبات أمريكا في اليمن.
ليندركنج واستعارة "انهيار أفغانستان " إلى اليمن
*
دولة قطر، كانت قد ساعدت أمريكا بدور فذ واستثنائي في استضافة وفد حركة طالبان السياسي الذي يضم مطلوبين بتهمة الإرهاب من قبل أمريكا وضلوعهم مع تنظيم "القاعدة" في الهجوم على برجي التجارة العالمي في نيويورك.
ثم قامت قطر بتيسير محادثات الدوحة بين السفير الأمريكي "زالماي خليل زاد" ونفس الوفد "الإرهابي".
ثم قامت قطر بتيسير المحادثات بين وزير خارجية الرئيس ترامب بومبيو ونفس الوفد الطالباني "الإرهابي" المفاوض.
الإتفاق كان بين "إمارة أفغانستان الإسلامية" والولايات المتحدة الأمريكية.
تم التوقيع على "إتفاقية الدوحة" في ٢٩ فبراير ٢٠٢٠.
شارك في حفل التوقيع العشرات من وزراء خارجية.
كان هذا هو يوم "انهيار الدولة الأفغانية"، وليس يوم الهروب الكبير الفضيحة الذي قام به الجيش الأمريكي في مطار كابول بأمر من الرئيس بايدن.
قدمت دولة قطر أكبر مساعدة للدولة العظمى بتسخير أسطولها الجوي العملاق لإجلاء آلاف المدنيين الأمريكيين والأفغان المتعاونين مع أمريكا في لحظات حرجة للغاية تعرضت لها قيادة أغنى وأقوى دولة في العالم.
وكافأ الرئيس الأمريكي دولة قطر بإتفاقية حماية وتحالف لم تحصل عليها من قبل أي دولة خليجية بما فيها المملكة العربية السعودية.
خرج آخر جندي أميركي من أفغانستان، في وقت متأخر مساء الاثنين - الثلاثاء ٣٠-٣١ أغسطس٢٠٢١، وشاهد العالم أكبر علامات الهزيمة بث حي ومباشر على شاشات التليفزيون.
أشرف عبد الغني رئيس جمهورية أفغانستان، وچنرالات أمريكا والمحللون العسكريون والسياسيون، يجمعون على أن "إتفاق الدوحة"، هو يوم تحويل أفغانستان من جمهورية ورئيس منتخب إلى إمارة طالبان الإسلامية، وليس يوم فضيحة مطار كابول.
صحيح أن إتفاق الدوحة هو خيانة أمريكية للمجتمع المدني الأفغاني ونكث لوعود وتعهدات الدولة العظمى.
وصحيح أيضا، أن فضيحة خروج أمريكا من مطار كابول هي هزيمة مخزية بكل المقاييس.
لكن لا يضر أمريكا لو قامت بتكرار نفس التجربة في اليمن.
ولن يعتبرها أي أحد فضيحة أمريكية ولا هزيمة للدولة العظمى.
يمكن أن تلصق هذه النعوت والأوصاف السلبية بالسعودية والإمارات، وهذا أمر لن تكترث به أمريكا كثيرا.
وسيقوم الزمان بمساعدة السعودية والإمارات على نسيان الإخفاق في اليمن كما يساعد أمريكا في تناسي إخفاقاتها في ڤييتنام وأفغانستان.
سلطنة عمان
*
سلطنة عمان، تقوم بدور فذ واستثنائي في استضافة الوفد الحوثي المقيم في مسقط مع تقديم الخدمات اللوجيستية والطيران العماني للتنقلات.
سلطنة عمان، على علاقة متينة مع إيران المتبنية والداعمة للحركة الحوثية والمؤيدة للانقلاب الحوثي في ٢٠١٤ والمزودة للمجهود الحربي الحوثي بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية وشحنات الأسلحة المهربة والنفط المجاني الذي يدعم نفقات المجهود الحربي الإيراني.
سلطنة عمان، على علاقة متينة مع أمريكا وهي التي مهدت وتوسطت بين چون كيري وباراك أوباما من جهة وبين المرشد العام الإيراني خامنئي وساعدت في الخطوات والأفكار التي أدت إلى الإتفاق النووي بين أمريكا وإيران في چينيڤ.
واضح أن الظروف على الأرض، تجعل من سلطنة عمان هي الأكثر ملاءمة من دولة قطر في تفكيك الشرعية اليمنية تمهيدا لانهيارها كما حدث في أفغانستان.
الضغط على السعودية
*
الكونجرس، كان قد وجه ليندركنج بالضغط على السعودية.
ليندركنج، قال في أو جلسة استماع "علنية" للجنة الشؤون الخارجية- وبالحرف الواحد- بأنه قد قام بالضغط على السعودية.
السعودية- في الحقيقة- لم تكن بحاجة لأن تضغط أمريكا عليها للخروج من حرب اليمن.
كان لسان حال السعودية:
"بركة اللي جاءت منك يا بيت الله"
(استعارة قصة الرجل الذي شعر بالذنب لأنه لا يعجبه صلاة الفجر في المسجد، وعندما قرر ذات يوم أن يغصب نفسه ويستيقظ مبكرا، وجد باب المسجد مقفولا)
موقف السعودية
*
وموقف السعودية- الآن- يتراوح ما بين بين حالتين:
الحالة الأولى: ترك تحمل المسؤولية واللوم والملامة أو أي فضيحة أو "انهيار شرعية اليمن"، تقع على ظهر ليندركنج والرئيس بايدن وأمريكا.
الحالة الثانية: الاحتفاظ بمكانتها وهيبتها كدولة كبرى ورئيسية في المنطقة، يكون بحاجتها الحوثيون والانفصاليون والرئيس رشاد العليمي وكل عضو مجلس رئاسي والمطالبون بالشرعية على حدة وحتى أمريكا وإذا أمكن حتى إيران.
فن السياسة- عند الأغنياء والأقوياء- هو أن تجعل كل الآخرين يحتاجونك ويحتاجون عطاياك مقابل أن يستيجيبوا لطلبات ورغباتك بدون الحاجة لاستعمال العنف.
**
ثانيا: ماذا تريد أمريكا، حقا؟
**
أمريكا، لا تريد- فعلا وحقيقة- أي شيئ معين بالضبط.
١- تريد شيئا واحدا فقط في اليمن: 
وقف الحرب.
والوحيد الذي يهاجم ويحارب، هو الحوثي.
وعلى هذا توصل ليندركنج إلى ضرورة مراضاة الحوثي.
والحوثي، يقول بأن الشيئ الذي يمكن أن يرضيه الآن، هو: "فرض الجزية" ولفترة مؤقتة لاحقة هو الذي يقرر موعد انتهائها والعودة لقهر وغزو بلاد اليمن.
٢- وقف حرب اليمن، سيوقف أي التزام أمريكي بحماية السعودية من إيران.
٣- وقف حرب اليمن، سيجعل أمريكا تركز فقط على التصدي لروسيا والصين.
٤- العالم كله، مليئ بالدراما والمآسي الإنسانية، ولكن ليندركنج يدعي أن الحل هو بإسم الإنسانية ويجب أن يكون سلميا وعلى أساس مفاوضات بين اليمنيين وحدهم.
لماذا لا تطلب أمريكا مفاوضات بين شرق أوكرانيا- الدونباس- وبين كييڤ، وكلهم أوكرانيون؟
ولماذا لا تتفاوض تايوان تايبي مع الصين بيچينج، وكلهم صينيون؟
٥- إذا كانت الشرعية والسعودية، قد انتصروا في حرب اليمن خلال السنوات التسع الماضية، فلا مانع عند أمريكا.
عِلَّة الموقف الحالي البائس في اليمن، هو عدم خبرة وسوء أداء الشرعية والتحالف، وليس مؤامرات ونوايا أمريكا.
الشرعية، لا يوجد فيها روح الفريق الواحد.
الشرعية، لا يوجد فيها القيادة القوية الواحدة.
الشرعية لا يوجد فيها غرفة عمليات تدير الحرب في كل الجبهات.
التحالف، منقسم على نفسه.
التحالف، لا ينسق مع الشرعية في غرفة عمليات مشتركة.
٦- إذا انتهت حرب اليمن، بانتصار الحركة الحوثية وإيران فلا مانع عند أمريكا.
وطز في الشعب اليمني الذي سيدخل مرحلة استعباد كما هو حاصل الآن في صنعاء.
**
ثالثا: فرض الجزية للحوثي
**
ليندركنج ، يريد فقط وقف إطلاق النار.
ليندركنج، يقول كلام فارغ عن حسن النية" وعن السلام" وعن "المساعدات المالية الأمريكية لليمن" التي تذهب عمليا إلى الجيوب والأغراض الحوثية مثلها مثل كل المساعدات التي تقدم من خلال منظمات الإغاثة والأمم المتحدة.
ليندركنج، يقول كلاما فارغا عن أنه سيتم التوصل إلى حل سلمي بالتفاوض بين "اليمنيين واليمنيين".
نحن نعرف أن كل هذا كلام فارغ.
ونحن نعرف أن ليندركنج ديبلوماسي داهية، ويعرف أنه فقط يستعمل كلام فارغ.
الحوثيون، يريدون نفط وغاز اليمن مقابل وقف إطلاق النار.
الحوثيون، يهددون: "إما الدفع أو القصف والضرب".
السلامويون والاستسلاميون والامريكان والعمانيون، يسمون
هذا:
"إنسانية وسلام".
الأولون ونحن وكل العالم، يسمون هذا:
"فرض الجزية".
وهذا هو ما سيعمل ليندركنج على تحقيقه في الأيام المقبلة، للاستمرار في وقف إطلاق النار.
"فرض الجزية".
**
رابعا: رسالة للرئيس رشاد العليمي
**
نحن، نعرف أنك "عالم إجتماع" وحاصل على الدكتوراة عن العلامة الرائد "ماكس فيبر".
نحن، نعرف أنك "رجل دولة".
نحن، نعرف أنك "سياسي" رفيع المستوى.
نحن، نعرف أنك صبور وتتحمل الثقلان ولا تفلت أمام المشقة والصعاب.
نحن، نعرف أن أوراقك ضعيفة.
ولكن أيضا:
*
نحن، نعرف أنك- الآن- رئيس اليمن.
نحن، نتوقع ونطلب ونشدد أن تكون رئيسا لليمن.
نحن، نؤكد لك أن ما ستفعله اليوم سيقرر مصير اليمن.
نحن، متأكدون أن التاريخ مبهرر الآن ويكتب كل ما تعمله وكل ما لا تعمله.
نحن، نشير لك بأن قوتك هي في ضعفك.
نحن، نشير لك بأن قوتك هي في أنه لا يوجد من يحل محلك.
نحن، نقول لك بأنك الآن وحدك ولكنك إذا وقفت فإنك ستجد ملايين معك، وستجد اليمن معك، وستحجز لك مكانا مشرفا في تاريخ اليمن.