من غرائب الأشياء وسوء الأقدار، أن شعب حضرموت أصبحت تتناوشه سهام الأصدقاء قبل الأعداء، وتعبث به تقلبات الزمان في غفلة من الذين كان يجب عليهم تحمُّل الأمانة وتأديتها بحقها، لا أن يكونوا عبئاً فوق أعباء المواطن المقهور الذي يتوق لغدٍ أفضل يسوده الأمن والاستقرار.
*في هذا الظرف الإنساني الصعيب، تناقلت الوسائط الإعلامية دعوة الإنتقالي لتسيير مليونية أسموها مجازاً_ مليونية حماية النخبة الحضرمية..!!! ولقد نسى قادة الانتقالي أو تناسوا أن النخبة الحضرمية لا تحتاج حماية من أحد، وأن الإنسان الحضرمي أكبر من كل التكوينات وأعظم منها، فقط يحتاج لمن يقفون أمامه أن يكونوا قدر التحدي، وأن حماية الحضرمي لا تكون بالمشاغبة والكيد والتشفي وسوء التدبير، وإنما تكون بالعمل الجاد والتوافق والابتعاد عن المزايدات والتسامي فوق حظوظ الأنفس من أجل البلد وإنسانها الذي يستحق الحياة الكريمة.
*أخوتي في الانتقالي، لقد خانكم التعبير وجافيتم الواقع، ولم تُوفقوا في العنوان المناسب، وهذا أمر مخجل ومؤسف ومحيّر، فكيف تتحدثون عن حماية النخبة الحضرمية التي تمثل الجيش الحضرمي والقوة المدخرة ليوم كريهة وسداد ثغر..؟؟ كيف تحمون جيشنا..؟؟ وممن تحمونه..؟؟ وبماذا..؟؟. بل من الذي يهدده أصلاً وما الذي أدراكم بأنه يتم تهدده..؟؟
*ألم يتسنى لدعاة المليونية المزعومة سؤال أنفسهم والإجابة بصدق وشفافية.. ماذا يستفيد شعب الجنوب عموماً وأهل حضرموت من مثل هذه الدعاوى والتجمعات..؟ هل ما ينفق من جهد ومال ووقت في مثل هذه المليونيات أولى به خدمات الصحة والتعليم التي ستحمي الحضارمة فعلاً أم هذا الهدر المتكرر والمفضى إلى الضياع الذي لا يقود لشي يفيد الناس ويمكث في الأرض، اللهم إلا مزيداً من الشِقاق والنزاع والفشل وذهاب الريح، يقول تعالي:
(ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).
*وثمة سؤال في البال.. لماذا يحرص الانتقالي على مزيد من التعقيدات والمناكفات والمنطقة تشهد تراجعاً في كل مناحي الحياة، ونحن كحضارمة نحتاج للوحدة، ففي الوحدة قوة، ومصدر قوتنا الآن هو النخبة الحضرمية التي ينبغي الالتفاف حولها وتأييدها ودعمها مادياً ومعنوياً لأنها تشكل النواة الصلبة والأساس المتين واللبنة التي تصلح لبناء حضرموت من جهة والمساهمة الفعالة في بناء اليمن من جهة ثانية، لا أن نرهقها بما لا يسمن ولا يغني من جوع.
*أخوتي الكرام في الانتقالي، لن نسيئ بكم الظن، وندعي أن هذه الدعوة هي حق أريد به باطل، ولكننا نظن بكم كل الخير، ونقدر اجتهادكم لمصلحة حضرموت، ولكن بين لنا رسولنا الكريم أنه يتوجب علينا مناصرتكم بالحق ومن أجل الحق، وبما أن المؤمن مرآة أخيه، فرأيكم خطأ يحتمل الصواب، والأمانة تقتضي علينا مناصحتكم قبل مناصرتكم، وما نرجوه ونأمله أن نصطف جميعاً فوق جهود المملكة العربية السعودية التي وجدت تأييداً مطلقاً، وقدمت وما تزال تقدم للدولة اليمنية ولحضرموت، وفي ذلك مخرج آمن وبداية تأسيس لحياة كريمة يتوق إليها شعب حضرموت، وعبركم النداء الصادق موجه إلى كل المؤسسات الحضرمية سواء كانت عسكرية أو مدنية، أن توحدوا خلف مجلس حضرموت، ورحم الله من قال:
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسُّراً
وإن افترقن تكسَّرت آحادا.
والله من وراء القصد وهو يهدي إلى سواء السبيل.