وفي ظل هذا السياق المعقد، تبرز أهمية استثمار دبلوماسية الفرصة كأداة فعّالة لإعادة الاعتبار للقضية اليمنية، وحشد الدعم الدولي في المنتديات والمؤتمرات والقمم الإقليمية والدولية. وتكمن أهمية هذا النوع من الدبلوماسية في استثمار المناسبات السياسية الكبرى، مثل منتدى أنطاليا الدبلوماسي، لتعريف صناع القرار والفاعلين الدوليين بالقضية اليمنية، وتصحيح المغالطات المتداولة، وبناء علاقات جديدة، وترميم علاقات سابقة مع مختلف الدول والمنظمات التي أصيبت بتصدعات لأسباب عدة.
وفي ظل محدودية الموارد المالية، تزداد أهمية هذه المنتديات؛ كونها توفر منبرًا استراتيجيًا للتواصل، وتختصر الجهد والوقت والمال في آنٍ واحد، وتُوصل الرسائل السياسية بيسر، باتصال مباشر يُحشد فيه كل عناصر التأثير والإقناع.
وقد شكّلت مشاركة وزير الخارجية اليمني، الدكتور شائع الزنداني، في منتدى أنطاليا الأخير نموذجًا حيًا لدبلوماسية استغلال الفرصة، وتمثل ذلك في عقد لقاءات ثنائية متواصلة مع نظراء دوليين ومسؤولين أمميين، بهدف تعزيز الثقة، وتمتين العلاقات، وحشد الجهود لدعم الحكومة الشرعية، إضافة إلى كشف مخاطر استمرار الانقلاب الحوثي، والحاجة الملحة لاستعادة الدولة اليمنية في ظل توسع المعاناة الإنسانية.
لقد كشفت هذه التحركات عن إرادة حقيقية لإصلاح الوجه الخارجي للدبلوماسية اليمنية، والانتقال بها من حالة الجمود إلى الفعل المؤثر، وبرهنت على أن الاستثمار الذكي للفرص الدبلوماسية قد يُحقق ما تعجز عنه عشرات المذكرات والمراسلات الرسمية.
وختامًا يمكننا القول إن دبلوماسية استثمار الفرصة لم تعد خيارًا تكتيكيًا، بل أصبحت ضرورة استراتيجية يجب أن تتحول إلى نهج دائم في السياسة الخارجية اليمنية.