مشهدك الحقيقي .. بين يديك
الأحد , 14 - أبريل - 2019

ما اشبه اليوم بالبارحة

2020/04/18 الساعة 01:09 صباحاً

قد نجد في التاريخ تعويذة مناسبة لفهم تقلباته. 
ستينيات القرن المنصرم هي الدرس المكثف للإرادة الجمعية للتغير والانعتاق من قيود القهر المقدس. 

كانت معركة اليمنيين ضد الإمامة صادقة واستحقاقا تاريخيا لا بد منه. وككل معركة سياسية محلية لم يفلت الصراع اليمني من التدخل الخارجي اقليميا ودوليا. كان تدخل مصر محمودا بكل المقاييس اذا ما قارنا حالة الشعب اليمني في الأربعينيات وفي السبعينات.

تدخل مصر في شمال اليمن هبة لا تقدر بثمن. ورغم ما شابها من قصور وتعثر وهيمنة على القرار السياسي ومخاوف وتجاوزات. الا انها أسهمت في تحول غير متخيل في حياة اليمني في نصف القرن اللاحق. 

بعد سنوات شعرت مصر انها تستنزف ماديا ومعنويا. ولهذا شعرت مصر عبد الناصر انها قد بلغت مأزق حربها في اليمن الى جانب الجمهوريين. فذهبت الى جدة لإنجاز اتفاق إنهاء حرب ثم تم اتفاق اخر في الخرطوم. كان الاتفاقين بمثابة تمهيد لسحب يد مصر من اليمن ومثلها السعودية لكنهما لا يلبيان تطلعات التغيير. سحبت مصر جنودها لكن الحرب لم تتوقف. انتصرت الجمهورية. 

حينها كان هناك فريق محلي يعمل بجهد من اجل التقارب اليمني وإزاحة التدخل الاقليمي خصوصا التدخل المصري. وكان يمهد لمصالحة فيها قسط كبير  من الصدق والعاطفة ولا تخلو من تحيز سياسي وهي وريثة سنوات من الانغلاق والانعزالية.  

لم تفلح الموتمرات المحلية في خلق مصالحة وذلك لغياب نوايا المصالحة من ناحية ولانها مؤتمرات لم تتطرق الى جوهر الصراع بقدر ما اعتمدت على الآليات التقليدية في معالجة المشاكل ليتضح قصورها السياسي. 

لم يكن خروج القوات المصرية نهاية الصراع اليمني لان جذور الصراع المحلية اكبر من تاثير التدخل الاقليمي. كما ان الحرب الأهلية كانت تتغذى بدوافع محلية وصراع حول السلطة مع رغبة جامحة لدى الجمهورية من الانعتاق من نير الإمامة. هذه النقطة يتجاهلها المتدخلون الإقليميون احيانا بسبب حساباتهم الاقتصادية والسياسية. 

نحن اليوم امام لحظة مشابهة. الصراع المحلي الراهن هو امتداد لمعركة اليمنيين مع حكم مقدس صفق. التدخل الاقليمي مرتبط بحساباته الخاصة ويدير الحرب في اليمن وفق معادلته وتجاربه ( وربما غياب تجاربه) مع الغرق المقصود او غير المقصود في الفساد وسياسيات وتبعات الثورة والثورة المضادة منذ ٢٠١١. 

يحق للسعودة كامل الحق ان تخرج من اليمن وقد ساعدت في عدم سقوط كامل اليمن في يد جماعة غاشمة. ما دون ذلك تفاصيل يمكن الأخذ والرد فيها. 

الان ما هو موقع الحكومة من صفقة خروج السعودية من المشهد العسكري اليمني. اشدد على كلمة المشهد العسكري. لانه من المؤسف ان خروج السعودية من المشهد السياسي امر غير منظور. حتى عتاة الحوثية والمتشدقون بالاستقلالية والسيادية يعرفون انهم يريدون فقط ان يحتكروا التوكيل الاقليمي في اليمن وأنهم سيكونوا الأصدقاء الأوفياء للسعودية اذا أغدقت عليهم الاموال وأتاحت لهم فرصة التمثيل بالاستقلال.