خطاب العداء ضد الإمارات لا يكشف إلا عن هروب وفشل في خوض المعركة الرئيسية ضد الحوثيين. وتحويل الأمر لبطولة ووطنية ليس إلا تأكيدًا على ضرورة إصلاح الشرعية التي لم تعد سوى أداة بيد الإخوان يديرون بها معاركهم الجانبية.
إنها طلقات طائشة تهدف بالأساس إلى المراوغة والهروب من حوار جدة الذي دعت إليه المملكة العربية السعودية.
خطاب وزير الخارجية محمد الحضرمي جاء في هذا السياق، ليقدم نفسه كوزير مهمة محددة سيكون طي صفحته عند انتهاء المهمة، ومن الرئيس عبدربه منصور هادي نفسه سيصدر قرار إقالته.
الواضح أن الأمر فيه استعراض ضد السعودية، والتعامل مع مبادرتها المطروحة للحل بتذاكي وابتزاز. يمكن فهم انتقال وزراء ومسؤولين حكوميين إلى سلطنة عمان في سياق هذا الابتزاز..
أراد الرئيس هادي إيصال رسالة للسعودية فحواها لدينا خيارات أخرى.
يتكشف الابتزاز أيضاً في ملامح أخرى، إحداها تعامل إعلام الشرعية والإخوان مع ما تعرضت له أرامكو من عمليات استهداف إرهابية.
وثانيها في التعاطي مع أحداث أبو جبارة في صعدة والخيانة التي تعرضت لها السعودية ومقاتلين من الجيش.
ففي كلا الأمرين، غض الرئيس هادي الطرف، وتعامل بتشفي واعتبر الإخوان الأمر نتيجة طبيعية لفشل التحالف في إدارة الحرب.
الذين يجحدون دور الإمارات، ويكيلون لها الاتهامات واللعنات، هم بالأساس يجحدون دور السعودية، ويسعون إلى تفكيك تحالفاتها، تمهيداً لعمليات ابتزاز أكبر، رغم ما قدمته من الأموال والسلاح والتضحيات.
ويكشف الهجوم الإعلامي الذي قاده مسؤولون بالشرعية ضد السعودية جانبًا من هذا الجحود والابتزاز والنوايا العدوانية، وأن الإمارات ليست سوى شماعة.
يريدون السعودية أداة، يستخدمون قوتها ومكانتها وثقلها، في معاركهم الجانبية متى أرادوا، ما لم فهي شريك في المؤامرة على اليمن.
لقد توقفت الجبهات عن قتال الحوثي الذي أصبح متفرغًا لحشد قواته بأريحية تجاه حدود السعودية، فيما اختار الإخوان الجنوب كساحة لخوض معاركهم.
في المواجهات التي دارت في شبوة وأبين وما تلاها ظل حديث الشرعية يدور حول ضربات الطيران، وتوظيف تلك الأحداث سياسيًا ضد التحالف والإمارات بشكل أوسع.
وحتى الآن تقف الشرعية عاجزة عن نشر أسماء القتلى، وعاجزة عن إثبات أن من قاد المعارك وحدات من الجيش، أو أن يكون هناك أمر للقائد الأعلى، أو وزير الدفاع أو قيادة المنطقة العسكرية في مأرب حتى، واتحدى إثبات عكس ذلك.
كانت معركة تخص الإخوان المسلمين، وجماعات مسلحة تابعة لها، تجمعت من البيضاء ومأرب والجوف، وراحت تخوض حربًا باسم الشرعية.
لقد قاد الإخوان معركتهم بنفس الطريقة والآلية التي يقودونها حالياً في مصر، ومازالت تواصل نفس الحرب، وتتوق لتفجير حرب أهلية في الجنوب، وتعتبر أي مبادرات لتجنب هذه الحرب مؤامرة من قبل التحالف، والسعودية تحديدًا.
تمر الأيام والأسابيع والسعودية تنتظر من الشرعية تلبية دعوة ملكها سلمان بن عبدالعزيز للحوار في جدة، وتتكشف للعيان خلال هذا الزمن أن الرئيس هادي يبادل دعوتها بالمكر والخديعة وابتكار خيارات أخرى للابتزاز.
إذا كان الرئيس هادي ومن خلفه الإخوان يعتقدون أن السعودية في موقف ضعف يسهل ابتزازها فهم واهمون.
وإذا كان الهدف إخراج المشكلة اليمنية من طور التحالف إلى فضاء إقليمي ودولي فالأمر فيه علاوة على الابتزاز تآمر على السعودية وأمنها واستقرارها.
لا تحتاج المملكة العربية السعودية إلى وقت إضافي لتعرف الرئيس هادي والإخوان على حقيقتهم، فقد خبرتهم لسنوات، وأصبحت تدرك أن الكذب حبله قصير.
يعلمنا التاريخ أن الأدوات المعطوبة لا تحقق نصرًا في معركة قدر ما تصنعه هذه الأدوات من مصائب وتشوهات تحيل الحرب إلى تجارة، استمرارها أجدى من حسمها، وبقائها أنفع من توقفها.
ويعلمنا التاريخ أيضًا، أن الكثير ممن يتشدقون بالشعارات الوطنية ليسو أكثر من لصوص يتخفون خلفها دفاعًا عن مصالحهم ومكاسبهم.
ويعلمنا التاريخ كذلك، أن من يخون قسمه ويسلم الدولة بمؤسساتها وجيشها وعاصمتها غير مؤتمن، ولايمكن الوثوق به، وتصبح الشراكة معه في معركة وطنية عبث بحقائق التاريخ.
وفي ركام التاريخ اسمتعتوا برقصة هادي الأخيرة.