مشهدك الحقيقي .. بين يديك
الأحد , 14 - أبريل - 2019

جو بايدن وجمهوريات الموز العربية

2020/11/12 الساعة 07:17 صباحاً

لا يهمنا كعرب كيف ولماذا فاز جوزيف بايدن بانتخابات الرئاسة الأميركية، فالذي يهم بالدرجة الأولى كيف نتعامل كدول عربية ذات مصالح مشتركة مع أقوى دول العالم، وهي الدولة التي تجعل مصالحها الوطنية دوماً أساس إقامة العلاقات مع الآخرين.
 

 

الولايات المتحدة الأميركية في عهد بايدن ستكون، وكما كانت في عهود ترامب وأوباما وجورج بوش الأب وكلينتون، داعما رئيسيا للمصالح الإسرائيلية، وهذا نهج لن يتغير على المدى المنظور بسبب قوة اللوبي اليهودي في أميركا. العلاقات العربية مع الولايات المتحدة الأميركية يجب أن تكون موضوعا لقمة عربية تنسيقية، فهذه العلاقات هي التي ستحدد كثيرا من السياسات في المنطقة، كما أن قرارات إدارة ترامب الأخيرة المنحازة للكيان الصهيوني يجب أن تواجه بضغط عربي متواصل على إدارة بايدن لتجميدها والتراجع عنها، بما في ذلك القرار الأحمق الذي اعترف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، وبناء عليه تم نقل السفارة الأميركية للقدس بدلا من تل أبيب. بايدن في خطاباته المعلنة مؤيد لمعظم ما يعتبره الكيان الصهيوني حقوقا تاريخية له، لكن ولأن الرئيس الأميركي الجديد بايدن خبير حقيقي في السياسة الشرق أوسطية، ويعلم جيدا أن قوة أميركا تكمن في كونها وسيطاً أميناً في المفاوضات العربية الإسرائيلية، ويعلم أن قرارات إدارة ترامب المنحازة لإسرائيل تضعف هذا الدور الأميركي لدى الجانب العربي، وهو ما كان محل انتقاد الديموقراطيين خلال سنوات حكم ترامب. ورقة الضغط الأخرى التي يمكن أن يمارسها العرب ضد إدارة بايدن، لحملها على التراجع عن السياسات الأميركية التي همشت الدول العربية خلال عهد ترامب، تتمثل في العلاقات الاقتصادية مع الصين، فتهديد العرب، وعلى رأسهم دول الخليج العربي النفطية، بالاتجاه نحو الاستثمار الطويل الأمد مع الصين ضمن ما يعرف بمبادرة الطريق والحزام (طريق الحرير القديمة) سيجعل إدارة بايدن تتردد كثيرا قبل التفكير بالمضي في سياسة تهميش الدول العربية لمصلحة الكيان الصهيوني عبر أُسلوب الصدمة والترويع، الذي برع ترامب كثيرا في ممارسته ضد العرب. التحدي الأهم الذي ستواجهه دول مجلس التعاون الخليجي يتعلق في العودة المتوقعة لإيران للتوسع في سياسات التمدد في الإقليم، بعد مضي إدارة ترامب التي نجحت كثيرا في جعل سياسات التوسع الإيرانية أكثر صعوبة. دول الخليج بحاجة إلى مواجهة إدارة بايدن والتهديد بأن التهاون مع إيران ودعمها ضمنا، كما حدث في عهد الرئيس باراك أوباما، يعني وبالتبعية انسحاب دول الخليج العربي من سياسات التعاون الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأميركية، واللجوء الى سياسات تضمن منع التوسع الإيراني في محيطها الإقليمي. السيناريو الأسوأ الذي يمكن أن يشجع إدارة بايدن على اعتماد قرارات إدارة ترامب المنحازة للكيان الصهيوني، وربما تبني سياسات أكثر سوءًا، يتمثل هذا السيناريو في محاولات الدول العربية وبشكل منفرد عقد الصفقات مع إدارة بايدن وتقديم تنازلات كثيرة، وهو سيناريو إن تم فيعني أن شهية الأميركيين والصهاينة للتحكم في دول المنطقة ستجعلهما يبتلعان ما أمكنهما من الثروات العربية الطبيعية منها والاستثمارية. الدبلوماسية العربية تواجه بالفعل تحديا غير سهل، وعلى المسؤولين والخبراء الدبلوماسيين العرب مواجهة هذا التحدي لمنع تدهور المصالح والحقوق العربية، وهذا أمر إن تم فستتحول فيه أغلب الدول العربية إلى جمهوريات موز لا حول ولا قوة لها سوى الإذعان والإذلال.