أيًا كان حال المغترب اليمني في بلد الاغتراب، وأيًا كان اغترابه شرقيًا أم غربيًا، وكيفما كان هواه، يبقى قلب وعقل المغترب اليمني معلقًا باليمن حبًا وعشقًا. يرسم كل يوم في مخيلته شكلًا جديدًا لبلده -لبيته لقريته لمدينته- يراه على صورة أفضل، ربما تكون انعكاس لما يراه في واقع حياة الاغتراب.
الملايين من اليمنيين في بلدان الاغتراب، لديهم هذا الارتباط الحميمي بتراب الوطن، ومن هؤلاء فقيدنا عمر يحي البطاطي، الذي عاش نصف عمره في اليمن والنصف الآخر ظل مشطورًا بين الهجرين التاريخية مدينة أمرؤ القيس الكندي، وهو شيخها، وبين الرياض عاصمة العرب، ومهوى الأفئدة.
لم يكف فقيدنا البطاطي كغيره عن حب اليمن، يصحو في الباكر على أخبار اليمن، وينام وهو يتوسد أتراح وأفراح اليمن. لديه ما يشغله عن بلده وهمومه وحروبه وصراعات، لكنه كان لا ينفك يتابع ما يجري في وطنه، تعلقًا، لا تتخلله مصلحة أو يحكمه هدف شخصي، كان عصاميًا ومتسامحًا.
وكأي مغترب تجد البطاطي حاضرًا، وقف دائمًا مع كل ما يحقق مصلحة عليا للوطن كما أدركها ووعاها بتجربته الشخصية، ففي السياسة مؤتمري غير متعصب، وفي الاختلاف وحدوي حتى النخاع، وفي البناء كريم وجواد ومعطاء، يده للخير حاضرة، يعطي بنفس طيبة لمن يستحق ولا يسأل.
في عشقه اليمني اتحاديًا، داعمًا لإقليم حضرموت، يرى في اليمن الاتحادي أفقًا للسلام والأمان المستقبلي المانع للصراع، كما يرى في الاتحاد قوة وعزة وانتماء وهوية. كان حضرمي وشبواني ومهري وسقطري، يافعي وضالعي وعدني ويمني في آن واحد. وفي اغترابه في المملكة كان حافظًا للجميل، وشاكرًا للضيافة.
كان مهمومًا بمشكلات المغتربين وقضاياهم، ملحًا في تحقيق مطالبهم وفاءً لثقتهم به، وكلما ازدادت همومهم ازداد البطاطي همًا وغمًا من أجلهم. كان يعول على مستقبل اليمن، على تقدم اليمن، فهو يراه علاج دائم للمغتربين وكل اليمنيين. رحم الله البطاطي رحمة الأبرار، وأعان الله كل مغترب.