مشهدك الحقيقي .. بين يديك
الأحد , 14 - أبريل - 2019

اليمن وخارطة الرياض

2019/11/22 الساعة 09:03 مساءً

ضرورة يمنية وحاجة لدول المنطقة، ومصلحة لدول عالمنا في المجالات الحيوية والاستراتيجية.. هذه هي عناوين اتفاق الرياض الذي رعته مؤخراً، المملكة العربية السعودية ودعمته دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو ما عبرت عنه ردود الفعل الداخلية والإقليمية والدولية في تظاهرة سياسية ودبلوماسية تقوم على توجه طرفي الاتفاق (المجلس الانتقالي والحكومة الشرعية) إلى إنجاز فترة انتقالية تنهي بصورة حاسمة، تداعيات الانزلاق إلى دوامة الصراعات العبثية، والإمساك بناصية الانتصار على الانقلابيين والمشاريع التوسعية الإيرانية في هذه المنطقة الحيوية والاستراتيجية.
في هذا الشأن هناك قضيتان متلازمتان هما:
الأولى: تنفيذ الخطوات والإجراءات الملزمة في الاتفاق بشأن مباشرة رئيس الحكومة عمله في العاصمة المؤقتة عدن، لتفعيل مؤسسات الدولة وأداء واجباتها وخاصة في المحافظات المحررة من جهة، ومن جهة أخرى مواجهة ومعالجة الوضع العسكري الذي ترتب في العاصمة عدن منذ أغسطس/آب الماضي، ومن ذلك نقل جميع القوات العسكرية إلى معسكرات خارج محافظة عدن، وتشكيل حكومة كفاءات بقوام 24 وزيراً، مناصفة بين المحافظات الجنوبية والشمالية، إضافة إلى إجراءات وخطوات بشأن المسألة الأمنية من حيث توحيد صفوفها وسلاسة إدارتها، وهي المهمة التي يديرها تحالف دعم الشرعية.
عديدة هي الخطوات والإجراءات التي تم تزمينها في اتفاق الرياض، وهي أولوية أساسية لانتقال الوضع من تداعي الأزمة، إلى مرحلة مواجهة الانقلاب ومترتباته على البلاد وحياة العباد.
القضية الثانية: هي ما يمكن وصفه بخارطة الطريق للفترة الانتقالية. لقد جاء الاتفاق على قاعدة مواجهة الانقلاب، وهي شراكة وطنية وسياسية وخارطة طريقها ليست مجرد إعلان شعارات؛ بل إطلاق توجهات ومن ذلك:
أولاً: إعطاء أهمية كبيرة للمواجهة العسكرية في اتجاه حسم مشروع الانقلابيين الذين باتوا لا ينفذونه لمجرد خدمة المخطط الإيراني وهو زعزعة استقرار المنطقة فقط؛ بل بات تجار الحروب مرتبطين بالحرب بصورة مصيرية.
في هذا الأمر هناك ضرورة وحاجة ماسة لإخراج القوات المسلحة التابعة للحكومة الشرعية بالذات في عدد من المحافظات وخاصة مأرب من حالتها غير الفعلية لمواجهة الانقلابيين وحربهم المتنقلة من منطقة إلى منطقة، بما يترتب يومياً من دمار وضحايا في هذه الدوامة الكارثية.
ثانياً: مع تعزيز المواجهة العسكرية لحرب المتمردين وانقلابهم على مشروعية وشرعية الدولة، والفترة الانتقالية بمرجعياتها المعروفة، هناك حاجة لإطلاق عملية سياسية ودبلوماسية فعالة بشأن تنفيذ الاتفاقات السلمية التي رعتها الأمم المتحدة.
والأمر هنا ليس مقتصراً على ترديد مطالب الحل الذي يُخرج اليمن من حالة المأساة؛ بل مواجهة الحقائق، ومن ذلك حقيقة أن تلاعب الانقلابيين بالاتفاقات لإيقاف الحرب وإنهاء الانقلاب، ما كان ليصير بهذا الاستهتار لولا المداراة التي وضعت دور الأمم المتحدة ليس في حال غير فاعل وحسب؛ بل أمام تساؤلات عن الأسباب الحقيقية لعدم التقدم في العملية السياسية التي تضع نهاية للانقلاب وإيقاف الحرب، وهي قضية القضايا اليمنية، وقضية أمن واستقرار المنطقة، بما يعني ذلك مصالح عالمنا الدولي بأسره.
ثالثاً: من بين أبرز مسارات خارطة الطريق التي أطلقها اتفاق الرياض، تأتي عملية مواجهة الأوضاع المتردية في كافة المحافظات المحررة والتي تشمل أزمات المياه والكهرباء، وجنون الأسعار ونهب الأراضي وإيقاف الرواتب، وانتشار الأمراض، وغياب المشروعات ذات الأهمية الحيوية والاستراتيجية المتاحة في غير محافظة جنوبية.
إن اتفاق الرياض وفر فرصة نادرة للخروج من الحسابات الصغيرة، والخلاص من المماحكات المريضة، وهي حالة صحية في اتجاه وضع نهاية موفقة لما آلت إليه البلاد، جراء الانقلاب وحروب الدمار الجهنمية.