مشهدك الحقيقي .. بين يديك
الأحد , 14 - أبريل - 2019

صديقي في الجيش الوطني..!

2021/11/22 الساعة 08:47 صباحاً

كان صديقي الضابط المتخرج من إحدى الكليات العسكرية الروسية قد هرب بأسرته من صنعاء الى مأرب بعد دخول الحوثيين الى صنعاء بأشهر قليلة ، ومع دخول التحالف العربي رسمياً الى اليمن وتوافد العديد من الضباط اليمنيين باتجاه " العبر " لتأسيس النواة البكر للجيش الوطني اليمني في أول معسكراته هناك ، كان صديقي هذا من أوائل الحاضرين والمستبشرين بفجر جديد لليمن .
بعد عام ونصف قضاها متنقلاً بين مدينة مأرب ومعسكر العبر بدأ يشعر بالقلق ، كتب لي رسالة طويلة على الواتس أب يشرح فيها مخاوفه على الجيش الذي ظن أنه أمل اليمن ومستقبله ، وأن ثمة أياد قذرة تعبث في الخفاء لاختطاف الجيش ، دسائس ومكائد كالجبال يتعرض لها الضباط الوطنيون المؤهلون ، ولا أحد يعلم من أين تأتي ومن أين مصدرها .!
تهديد هنا وحزم من الأموال هناك ، تعيينات في مفاصل حساسة لاشخاص أقل ما يمكن أن يقال عنهم أنهم " مشبوهون " ، الظلام يغشو المكان طيلة الوقت ، وكنا كلنا خائفون ( هكذا قال ) .!
شيئاً فشيئاً ، سيطروا على كل شيء ، وبدأت ابتساماتهم لنا تتلاشي ، لم نعد نرى إلا وجوه متجهمة تخفي خلف ملامحها أقسى ألوان التربص ، هل سيقتلوننا .؟ ماذا فعلنا .؟ 
ولا شيء واضح أمام أعيننا إلا أننا أصبحنا فريقين ، جيشهم ونحن ، سلطتهم واستفرادهم بنا ، ثم لا رحمة .!
هناك من أقران " صديقي " من نفذ بجلده وعاد الى دياره " مع الحوثيين أو تحت سلطتهم " لا فرق ، وهناك من تظاهر بالمرض وهرب الى خارج البلاد ، وآخرون شقوا طريقهم في البحر يبسا ، أما صديقي ومعه عدد قليل من الضباط المؤهلين فقد لاذو بعد الله بعبدالرب الشدادي ، كانوا يعلمون  أنه منهم لكنه ليس مثلهم ، فانضموا اليه وقاتلوا معه حتى استشهد " الشدادي " وتركهم في ليل بهيم كالأيتام على مائدة اللئام .
عندما قتل " عبدالرب الشدادي " كان كل شيء بأيديهم تماماً ، وكانت كل المنافذ التي استغلها الاخرون للفرار قد سدت ، وأي ضابط عسكري مؤهل لا ينتمي إليهم هو هدف مشروع لهم ، يداهمون منزله في مأرب في أوقات متأخرة من الليل ، يعتقلونه ويروعون أطفاله ونساءه دون سبب أو حتى مقدمات تذكر ، ثم يطلقون سراحه بعد عدة شفاعات دون ذكر لاسباب الاعتقال أو تحديد للتهمة .
فقط لكي تظل مستيقنناً أنك لست منا وأنك تحت رحمتنا وأننا نمن عليك بقائك في مأرب على قيد الحياة ، وهو الثمن الذي عليك أن تدفعه لقاء التأهيل العسكري الذي تحمله .
لاحقاً ، ومع اشتداد المعارك باتجاه " صرواح " المشتعلة على الدوام ، عينوا أحد المعلمين ( مشرفاً ) على المجموعة التي يقودها " صديقي " ، كان وقحاً وأحمقاً في الوقت نفسه ، القرارات العسكرية التي يتخذها تبعث الأفراد على الضحك ، ومع ذلك يصر على تنفيذها غير عابيء بالنتائج ، متغطرس على جهل ، سباب بذيء اللسان ، وكان " صديقي " هو القائد الميداني الفعلي لهذه المجموعة المقاتلة ، لكن شعور ( المشرف ) بالنقص جعله يتعمد إهانة " صديقي " بشكل متكرر ، ويتخذ قرارات هوجاء فقط ليثبت أنه القائد .!
أصدر قراراً بسحب السلاح من " صديقي " بعد عودة المجموعة من المعركة الى المؤخرة للتناوب مع مجموعة أخرى .
بعد يومين عادت المجموعة للمشاركة على خط النار ، ورفض " المشرف " تسليم السلاح لـ " صديقي " الذي أصر على عدم ترك مجموعته بدون قائد ، واتجه مع المجموعة للخطوط الامامية .
كانت ليلة ماطرة حاول الحوثيون استغلال طقسها للتقدم ، استشهد فيها " صديقي " مع عدد من أفراده وهو أعزل .!
بعد سنوات ، ها أنا اليوم أكتب عنك يا صديقي ولا أجرؤ على ذكر اسمك ، أعرف أن لديك عائلة وأطفال ، وأعرف جيداً أنهم أوغاد .
فلتلتحف برحمات ربك ولتنم قرير العبن .