مشهدك الحقيقي .. بين يديك
الأحد , 14 - أبريل - 2019

الهُوية اليمنية الجامعة"..ثوابت ومرتكزات

2022/01/24 الساعة 02:59 صباحاً


عاشت اليمن سابقاً تدافع كبير وصراع بسبب الهويات الدخيلة عليه كهوية "الأحباش والفرس" وكان ثبات اليمنيين ودفاعهم ينبع عن عمق الاعتزاز بهويتهم الأصيلة التي لا تقبل بأي دخيل عليها.
وإذا عدنا إلى أصل مشكلتنا اليوم مع الحوثي سنجدها دفاع اليمنيين عن "الهُوية اليمنية" فالحوثي مستميت لصرف الناس عن "الهوية اليمنية الجامعة" لصالح هويته الزائغة الباطلة القائمة على:
1-ادعاء تفضيل عرقي سلالي وينسب ذلك لله سبحانه وتعالى (وكذب بزعمه ذلك) 
2-الثنائية في المواطنة (يمني -هاشمي) بتقسيم طبقي للمجتمع (ومازلنا نتذكر لقانونه "الخُمس" قبل أيام)
 3-استعلائية هاشمية عنصرية مقيته وتسويقها وفرضها بحجة "هٌوية إيمانية" مستمدة من الدين والاصطفاء الإلهي وأَعلام الهُدى والقرآن الناطق والذي لا يُفهم القرآن والدين إلاّبهم. 
4-يرتب على هذا التفضيل حقوق وواجبات لهم دون الناس بزعمهم أنهم أبناء الرسول وأحفاده.
ويسعى الحوثي بكل الوسائل لفرض تلك الهُوية الزائغة والباطلة ويحاول يلبسها مسوح الرهبان وصكوك الغفران، كل ذلك في سبيل تغييب "الهُوية اليمنية" لصالح هويته ويتخذ في ذلك كل أساليبه المختلفة بما ذلك تغيير المناهج ولغة الخطاب الموجهة وغيرها.. 
وفي المقابل تتضافر جهود الشعب اليمني بكل نخبه وشرائحه المختلفة للتصدي لهذا الزيغ ومحاولة مقارعة باطل الحوثي ومن لف لفه ممن تدثر برداء التصوف أو ممن تعنصر بسلاليه عنصريه.
وتتنوع هذه الوسائل في التصدي لباطلهم بحسب فئاتهم، كنخب مثقفة وعلماء دين ومفكرين وسياسيين وإعلاميين وناشطين وحتى كأشخاص عاديين وفي سبيل هذه المعركة المهمة لليمنيين نحن بحاجة لأي جهد ولأي حراك يُبذل لدحر هوية الحوثي الزائغة ولخرافتها المقيتة، ولسنا في حالة ترف معرفي وحالة من الاستقرار الوطني حتى نمايز أو ننقح أو نغربل طرق الرد على الحوثي مادامت هذه الوسائل لم تمس ثابتاً دينياً أو قيمياً أو وطنياً بل تتصدى لباطل الحوثي بكل الوسائل بما في ذلك استجلاب الهوية التاريخية اليمنية كمورث تاريخي. 
ومن واقع الصراع المحموم اليوم والتدافع الحاصل من الطبيعي أن يستعيد الوعي التساؤل عن مرتكزات "الهوية اليمنية" كهوية يمنية جامعة، والتي تمثل وجوده وبقاءه، وهي ترتكز على:
1- اللغة: كانت اليمن هي الحضن الذي نشأت فيه اللغة العربية، وإليها يعود اللسان العربي بجذوره وأدواته العربية؛ وتلقفها اللسان اليمني مع الرسالة السماوية التي حملها هود -عليه السلام-، وانطلق بها لسان يعرب بن قحطان وثبت عن بُرَيدة رضي الله عنه في قوله تعالى: {بلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبينٍ}، قال: بلسان جُرْهم (وهي قبيلة يمنية تزوج منهم النبي إسماعيل عليه السلام)، وحلت اللغة العربية حيث حلّ الرحالة والمهاجرون اليمنيون، والتي مازالت محفوظة إلى اليوم، ورغم ما حصل في اليمن من دخيل عليها كالفرس والأحباش إلا أن اللسان العربي لم يشوبه الفساد بالشكل الذي يُلغي أصوله.
2- الدين: اشتهر عن اليمن أنهم أهل كتاب، وكان التاريخ اليمني القديم محل تحولات دينية عظمى، وظل الشعور اليمني يحمل التدين على أصوله في فترات اشتهرت بها مملكة سبأ، ومملكة بلقيس وخلّد القرآن قصة إسلام بلقيس بعد أن أسلمت لله رب العالمين. وأحياناً يحل الموروث التقليدي الشركي بديلاً في حالة ذبول معرفي، وبقيت اليمن تحتفظ بآثار دينية لأنبياء وصالحين في الطابع الجغرافي، مثل: جبل النبي شعيب -عليه السلام -في صنعاء، وقبر النبي هود -عليه السلام-في حضرموت، وإرم ذات العماد في مدينة أبين، ومعالم ثقافية سائدة في قصة الأخدود، وسيل العرم، وأصحاب الجنة في صنعاء، وعرش بلقيس وغيرها ولما جاء الإسلام أقبلوا وفوداً، وصاروا فاتحين، ومدداً للنبي صلى الله عليه وسلم حتى فاخر فرحاً بهم وقال " أتاكم أهل اليمن.. الإيمان يمان والحكمة يمانية" ثم كانوا قادة فاتحين بلغوا الغرب الأوروبي ففتحوا الأندلس ونهضوا فيها بالحكم والعمران على نمط الثقافة العربية والإسلامية.
3- القبيلة: وهي إحدى مرتكزات الهوية اليمنية الجامعة، فالقبيلة بكل ما تحمله من قيم أصيلة راسخة في المجتمع تمثل احدى مرتكزات الهوية، ولما كانت القبيلة من عوامل البقاء البشري، وتماسك الأجيال، وتوارث الحكم، ودعائم المجد كانت الأجدر في الوجود الحضاري، ولذلك كان من أولى أولويات الحوثي استهداف القبيلة والقُبل اليمنية لأنها تمثل إحدى الحصون المجتمعية في طريق بث هويته الزائغة.
4- الإرث الثقافي والتاريخي: "من لا تاريخ له لا حاضر ولا مستقبل له" وحق لمن له تاريخ أن يفاخر به، ويعتبر الإرث التاريخي والثقافي من أوسع الحلقات التي تفاخر بها الأمم في هوياتها وحضاراتها فهي شواهد تاريخية تمثل جذور أصيلة ونمط بشري شاهد على عظمة الانسان اليمني الذي صنع حضارات عظيمة ودول ومماليك وكانت لها الريادة التاريخية، ويبرز هنا عمق الاعتزاز بذلك إذا ما استفدنا من تلك الحضارات والتجارب التاريخية في الجوانب السياسية والاقتصادية والعمرانية والزراعية وبناء السدود وغيرها، ولذلك تجد أكثر المنزعجين من الإرث التاريخي اليمني القديم هم الحوثيون، بل إن زعيمهم الهالك حسين الحوثي تحدث عن" آثار الحضارات اليمنية القديمة" بازدراء مندداً بتفاخر اليمنيين بحضاراتهم القديمة، وأعتبر ذلك من قبيل طمس التاريخ الإسلامي في اليمن، بينما تجدهم يؤصلون للتاريخ من وصول هالكم الرسي لليمن.  
5- الانتماء الوطني: ارتبط الإنسان منذ الأزل بالمكان والزمان، حيث إنّ الارتباط بالمكان يمثل وجود ذاته وجسده فيه، وهكذا كان العرب قديماً يفاخرون بالانتماء اليمني وجذورهم لهذا الانتماء، والانتماء للأوطان ضرورة إنسانية وحاجة حضارية مستديمة تشعر صاحبها بعظم الروابط المشتركة.
6- العمق العربي الأصيل: اليمن جزء أصيل من محيطه العربي والإسلامي وتربطه بعمقه ومحيطه العربي ثوابت ومشتركات أصيلة، كاللغة والدين والهوية والثقافة والمصير المشترك وغيرها.. وهو كذلك جزء أصيل من محطيه الإسلامي، ولن يكون أبداً جزءاً من أي هُويات دخيلة أو أداة لأي